أكد ​السيد علي فضل الله​، خلال خطبة صلاة الجمعة، أنه "بعد ما جرى في العالم العربي والإسلامي، جاء دور العالم كله، بما تجلى في وقوف أربع عشرة دولة من دول ​مجلس الأمن الدولي​ ضد القرار الأميركي"، مشيراً الى أنه "كاد يصدر بالأكثرية الساحقة لولا استخدام ​أميركا​ للفيتو لمنع صدوره، ثم جاء بعده القرار الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، حين وقعت 128 دولة في مقابل تسع دول، لتتحدى مجدداً القرار الأميركي، رغم ما تمثله أميركا من موقع في هذا العالم، ورغم الوعيد والتهديد الذي صدر عن رئيسها وإدارتها بإيقاف المساعدات الأميركية عن أية دولة تعارض القرار الأميركي، لتبدو أميركا، ولأول مرة، بهذه العزلة الدولية، بحيث يتم التصدي لقراراتها، وهو ما يشير إلى منحى عالمي جديد، إن هو استمر فسيبعد أميركا عن أن تكون هي صاحبة القرار الأول في العالم".

وأشار الى "أننا نرى فيما حصل نصراً معنوياً لقضية ​القدس​، وبالتالي لقضية فلسطين، تمثّل بهذا الالتفاف العالمي حول القضية، ورفض الممارسات التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد ​الشعب الفلسطيني​، كما نرى فيه نصراً للعالم العربي والإسلامي، حين تجرأ على القرار الأميركي وتصدى له".

كما أوضح فضل الله أن "هذا القرار، رغم أهميته، يبقى نصراً معنوياً لن يكون له أية مفاعيل على أرض الواقع، إذا لم يبنَ عليه لتطويره، لأن أميركا ستتابع تنفيذ ما قررته، وقد يزيدها ما جرى عناداً، والكيان الصهيوني لن يؤثر فيه هذا القرار ما دام يملك الرعاية من أقوى ترسانة عسكرية، وما دام العالم العربي والإسلامي يعيش الترهل في داخله وبين دوله وشعوبه"، لافتاً الى أنه "على دول العالم العربي والإسلامي أن لا تنام على حرير الإنجاز الذي حصل، وتعتبر أنها أدت قسطها إلى العلى، وتقنع شعوبها أنها قامت بواجباتها في ذلك، بل لا بد من أن تتابع جهدها وعملها مستفيدة من هذا الزخم الدوليّ، ومن التغير في المزاج العالميّ لصالح قضية فلسطين والقدس، باستعمال وسائل الضّغط التي تمتلكها، سواء الدبلوماسية أو الاقتصادية أو السياسية أو أية وسائل أخرى".

ونوه الى "اننا نراهن، وسنبقى، على صمود الشعب الفلسطيني، واستمرار حضوره في الميدان، لكون دوره هو الأكثر فاعلية وتأثيراً، ولأنَّ صوته الأقوى"، ذاكراً أن "الشعب، أبدى ولا يزال، عزيمة وإرادة واستعداداً للتضحية، رغم كلّ ما يعانيه من واقع اقتصادي واجتماعي صعب، لكن هذا الشعب لن يستطيع أن يتابع مسيرته ما لم يحصل على دعم شعبي ومادي واقتصادي وإعلامي وسياسي، حتى لا يرى نفسه وحيداً أمام الكيان الصهيوني أو أمام المخططات التي ترسم له".

وتطرق الى ​لبنان​ بالقول "لبنان الّذي لا يزال يحظى بغطاء دولي، وخصوصاً من دول الاتحاد الأوروبي التي تريد له الاستقرار، ولكن هذا لا يعني أن ينام اللبنانيون على حرير هذا الاستقرار، بل لا بدَّ من استمرار العمل في الداخل لتمتين الساحة الداخلية وتثبيتها، بتعزيز الوحدة الوطنية، وإعادة وصل ما انقطع بين القوى السياسية، وتعزيز لغة الحوار فيما بينها، وتلافي الأزمات التي تبرز بين فترة وأخرى على السطح، والتي نتجت منها القرارات غير المدروسة الموجودة في هذا البلد أو تلك التي تجاوزت الصلاحيات الدستورية".

وذكر أنه "في الوقت نفسه، فإن البلد أحوج ما يكون إلى مقاربة اقتصادية واجتماعية جادّة، حتى لا تتفاقم الأمور على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي، بعد أن أصبح واضحاً أن على لبنان أن يقلع أشواكه بأظافره، بعد تفاقم الأزمات في محيطه، وحاجة هذا المحيط إلى الدّعم الّذي يريده أن يكون مرهوناً بسياساته، ولبنان يقع خارجها في هذه المرحلة".

وأكد أن "على اللبنانيين أن يكونوا جادين في تثبيت أرضهم في هذه المرحلة، في ظل التجاذب الإقليمي والدولي الذي لن يكون لبنان بمنأى عنه، إن لم يعمل اللبنانيون على أن لا يكونوا وقوداً له، بحيث لا يكون لبنان مجدداً ساحة لتصفية الحسابات، ولا يسمح للآخرين بأن يجدوا فرصة لهم في ذلك".

كما نوه الى "نقطتين إيجابيتين، النقطة الأولى هي السرعة في اكتشاف الجرائم التي تحصل، حيث نهنئ ​القوى الأمنية​ على ذلك، وهي بالطبع ستساهم في تقليل نسبة هذه الجرائم، ولكن يبقى الأساس هو دراسة سبل توقّي حصولها، والتقليل منها ما أمكن، وهذا يحتاج إلى عمل دؤوب على كلّ المستويات، والنقطة الأخرى هي أهمية الحفاظ على حرية الإعلام، التي تعتبر واحدة من ثروات لبنان، فلا يساء تحت أي عنوان سياسي أو قضائي أو أمني إلى هذه الحرية التي نتطلع دائماً إلى أن تكون حرية مسؤولة".

واعتبر أنه "في اليمن، على الرغم من سقوط آلاف القتلى والجرحى، ومعظمهم من المدنيين، وتفاقم ​الأمراض​ المميتة، فإن الحرب مرشحة للتفاقم، في ظلّ غطاء دوليّ فاضح لاستمرارها، من دون أن يصغي أحد إلى الأصوات التي تدعو إلى وقف آلة القتل ورفع الحصار"، معرباً عن "القلق بأنَّ هذه الحرب هي حرب عبثية لا أفق لها، وستكون نتائجها تدمير اليمن واستنزاف الجميع، هذا درس الماضي، وهو درس الحاضر والمستقبل أيضاً لمن يعيه.. والحلّ هو بحوار جاد وموضوعي يلحظ مصلحة اليمن واستقرار محيطه".