حلّ بيانان لمكتبي الاعلام بين قصر بعبدا وعين التينة محل المساعي التي كان باشر بها رئيس الحكومة سعد الحريري لإنهاء الازمة التي تراوح مكانها بين كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري التي نشأت حول مرسوم الأقدمية لضباط الدورة1994 الذي اراده الرئيس عون انصافا لهؤلاء الذي تحمل دورتهم اسم "دورة الانصهار الوطني". احتج بري على تغييب توقيع وزير المال علي حسن خليل عن المرسوم وليس على الخلل المذهبي الذي يتضمنه المرسوم 163 ضابطا مسيحيا و15 ضابطا مسلما . الجدل مستمر ويرتدي طابعا "تصعيديا" وفي بعض الأحيان "استفزازيا" وفقا لرئيس حزب وازن مما ادى الى إفشال رئيس الحكومة في إقناع الرئيس عون القبول باقتراح حمله اليه يوم الخميس الماضي بعد جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية . وينص على توقيع الوزير خليل هذا المرسوم امام الحريري وفي مكتبه بعيدا عن الضجيج الاعلامي .

واللافت ان الحريري طلب موعدا من بري لكنه تريث في تلبيته بعد ان رأى ان الرئيسين عون وبري متصلبان كل بموقفه والهجوم الاعلامي المتبادل بينهما لم يتوقف وتولت القناتين التلفزيونيتين التابعة لكل منهما إبراز موقف كل منهما انه على حق ،لكن كل على طريقته .

استخلصت مصادر سياسية معنية ان موقف عون مرن ومتمسك بدعوته بري الى مجلس الشورى للبت بقانونية هذا النزاع . الا ان بري يرفض ذلك ويصعد في احاديثه في ديوانيته يوم الاربعاء وفي استقبالاته لشخصيات سياسية ووفود من ان المرسوم هو تجاوز لما نص عليه اتفاق الطائف وهو لن يبدل موقفه حتى لو طالت الى وقت الانتخابات . وسألت المصادر لماذا لا يقبل اللجوء الى مجلس الشورى لفض هذا النزاع ويرفع اليه اجتهاده الدستوري ؟ الا ان المصادر عينها أكدت ان موقف بري الرافض للمرسوم ليس فقط قانونيا بل سياسيا ويريد ان يكرّس توقيع وزير المال الشيعي في اي مرسوم يصدر بعد توقيعي رئيسي الجمهورية والحكومة عليه . وهذا ما لا يقبل به الرئيس عون بان تكرس وزارة المال للشيعة بل من الأفضل ان تملاء بوزراء من جميع الطوائف . كما ان ما يثبت انه منزعج من الخلل ان اسماء 16 ضابطا قد وردت أسمائهم في مرسوم الأقدمية قد تمت ترقيتهم من رتبة عقيد الى رتبة عميد وعندما وصل مرسوم الترقيات للوزير خليل رفض التوقيع عليه وأعاده الى وزارة الدفاع الوطني . وهذا سيؤدي الى تأخير ترقيات باقي الضباط .

وافاد مصدر في عين التينة ان بري يرفض الاحتكام الى مجلس الشورى وهذا يعني انه باق على تصلبه في أزمة مفتوحة مع الجيش الذي يجب تجنبها وابقاء هذه المؤسسة بعيدة عن التييس. تطّل اي مسعى جديد للحريري لان الطرفان المتنازعان هما على طرفي نقيض . .

هذه هي السلبية الاولى الناجمة عن الكباش بين بعبدا وعين التينه ولا يلوح في الأفق اي مخرج للحل ولا حاجة للبرهان ان الكيمياء مقطوعة بين الرئيسين منذ وقت طويل وان بري خالف حزب الله الذي كان يدعم عون لرئاسة الجمهورية فيما هو انتخب سليمان فرنجيه

والسؤال هل سيتمكن الحريري من حلحلة أزمة الرئيسين ؟ يقول العارفون ان رئيس الجمهورية لن يتراجع عن موقفه لانه يعتبر ان موقفه نابع من كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة اضافة الى ان هناك سوابق في اعتماد مراسيم مشابهة ، اما رئيس مجلس النواب فيرى ان ما قرره الرئيس عون يعود الى دستور 1943 وليس دستور الطائف ،

هل سيوقف الحرير ي مساعيه ام انه سيستمر بها ؟ من المبكر الإجابة الجازمة على هذا السؤال . لا شك ان المهمة صعبة وشاقة بين بعبدا وعين التينة .الا انه في نفس الوقت لا يمكن ابقاء حالة الجفاء والتراشق بين مكتبيهما الاعلامي وليس بوسع

وزير المالية ان يمتنع عن توقيعه على التعلمات الواردة اليه من القصر الجمهوري كما ان الاخير يؤخر ليس فقط الأقدمية بل ايضا ترقيات الضباط وعلى من ستقع المسؤوليات ؟ وهل يحق لوزير ان يعرقل معاملات لرئيس الجمهورية ؟

نصحت قيادات سياسية ان تعالج هذه الازمة بسرعة لانه اذا طالت عمّرت غمارها كما قالها الرئيس تقي الدين الصلح للرئيس سليمان فرنجيه عندما قرّر اعلان الحكومة التي شكلها او الاستقالة حينها أقتنع فرنجيه وولدت الحكومة التي استغرقت وقتا لولادتها .