أكد رئيس ​المجلس الوطني للاعلام​ ​عبد الهادي محفوظ​ انه عندما اتخذت ​الجامعة العربية​ قرار ​مقاطعة اسرائيل​ كان الهدف هو عزل اسرائيل اقتصاديا وثني الدول غير العربية عن دعم اسرائيل اقتصاديا وعسكريا وتاريخيا باعتبار أن المقاطعة هي أحد الوسائل المتبعة للحد من هجرة الإسرائيليين إلى فلسطين.

ولفت الى انه رسميا مقاطعة ​جامعة الدول العربية​ تغطي ثلاث جهات، وهي البضائع والخدمات المصدرة من اسرائيل وتسمى بالمقاطعة من الدرجة الأولى ولا تزال مطبقة في عدد من الدول العربية.

الشركات غير العربية التي تتعامل مع اسرائيل (تسمى بالمقاطعة من الدرجة الثانية)، والشركات التي تشحن بضائعها من خلال المنافذ الاسرائيلية (تسمى بالمقاطعة من الدرجة الثالثة).

وكل الشركات التي لا تلتزم بقرار المقاطعة توضع على القائمة السوداء من جانب مكتب المقاطعة المركزي الذي مقره الرئيسي في دمشق.

ومنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد واتفاقية اوسلو وتوقيع معاهدة السلام بين اسرائيل و​الأردن​، تراجع الإلتزام بقرار المقاطعة من جانب غالبية الدول العربية وأعادت الحرارة له نسبيا انتفاضة الأقصى في العام 2005. وعمليا فإن ​سوريا​ ولبنان وايران هي الدول الوحيدة التي تعمل بنشاط على المقاطعة الرئيسية. كما أن هناك حركة ’’بي دي اس‘‘ تعمل على تعطيل المبادلات الثقافية والفنية والأعمال التجارية التي تشارك فيها اسرائيل والاسرائيليون. وبالإضافة إلى ذلك تواصل الفرق الرياضية من مختلف الدول العربية مقاطعة المباريات الدولية عندما يتم سحبها ضد فريق اسرائيلي. كما أن العديد من الدول العربية لا تقبل الجوازات الإسرائيلية.

وشدد محفوظ على ان القرار الأميركي باعتبار ​القدس​ عاصمة لدولة اسرائيل حرَّك من جديد موضوع المقاطعة والتطبيع على المستوى الشعبي. ذلك أن هذا القرار يستهدف ​القضية الفلسطينية​ التي هي بوصلة العمل العربي وحتى الإسلامي. فهذا القرار ما كان يمكن أن يكون لولا الخلافات العربية – العربية والخلافات الخليجية مع ايران وما يسمّى بـ’’الربيع العربي‘‘ الذي كان هدفه تفتيت وتمزيق المنطقة. ولولا سعي بعض الأنظمة العربية إلى كسب ودّ واشنطن بأي ثمن.

المفارقة الراهنة هي أنه في الوقت الذي بدأت فيه الشعوب في الغرب تدرك خطورة الإستيطان والسياسات الإسرائيلية العنصرية ومحاولة تهويد القدس وتعترض عليها بفضل ما يقوم به ​الشعب الفلسطيني​ من انتفاضات متتالية، نلمس ظاهرة التراخي العربي والتقصير. فالحدث الفلسطيني المتمثل بالبطولة التي يبديها أبناء فلسطين حاليا بالإعتراض على القرار الأميركي نادرا ما يجد مكانه على شاشات مئات القنوات التلفزيونية الفضائية العربية التي تتلهى بمواضيع ثانوية وهامشية وإلهائية وباستبدال العدو الإسرائيلي بالعداء لايران. والسبب ليس من قبيل الصدفة بل هو نتيجة سياسات مقصودة تسهِّل عملية العبور إلى التطبيع وقبول دولة الكيان الإسرائيلي كأمر واقع في مكونات المنطقة الأساسية.

من ضمن سياسات الأمر الواقع الإعلامية أن هناك مخالفات جوهرية تقع ولا أحد يعترض عليها على مستوى الأنظمة. إذ أصبحنا نشهد على شاشاتنا مقابلات يجريها مراسلون داخل الكيان الإسرائيلي . وهذا ممنوع بالقانون لأن فيه ترويجاً للعدو .

من أوجه التقصير الإعلامي العربي غياب التوجه الإعلامي لتعميم معلومات عن القضية الفلسطينية من جانب مؤسسات إعلامية عربية تكون مصدراً لمعلومات تستفيد منها القنوات الغربية ووكالات الأنباء . فمن أصل ما يقارب 400 شركة إعلامية أولى في العالم ليس هناك من شركة عربية أو إسلامية ، فغالبية هذه الشركات أميركية وأوروبية وموجود فيها بقوة اللوبي اليهودي . وحده الحدث الفلسطيني الممزوج بدم الأطفال وتهديم البيوت وجرف المزروعات واجتياح الأقصى وغزوات المستوطنين ، وحده هذا الحدث يستحضر الإعلام .

ولعله في تجربة تلاقي المقاومتين اللبنانية والفلسطينية ما يؤكد على أن الطريق الى تحرير الأرض هو وحدة البندقية وصوابية الرؤية وقيام التضامن العربي والإسلامي . وواقع الأمر أن الإعلام المقاوم أثبت أنه من الفعالية بما يوازي فعالية العمل المقاوم المسلح إذ أنه يظهّـره ويُعرِّف به ويثبت هشاشة النظرية الإسرائيلية القائلة بأن الجيش الإسرائيلي لا يهزم .

فالكاميرا التي تواكب المقاومين هي أحياناً لها فعل الرصاص وأكثر إذ تكشف معنويات العدو المنهارة وتبرز جوانب التفوق عند المقاومين أصحاب القضية العادلة .

أيا يكن الأمر وخارج حسابات الأنظمة السياسية الصغيرة ، يمكن للإعلام أن يخدم في جوانب محدّدة ذات طبيعة إنسانية مثل الإستيطان وإبراز مخاطره . قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية . فضح السياسات الإسرائيلية . تثمير الرأي العام الغربي المتعاطف مع القضية الفلسطينية . الإبتعاد عن إثارة الطوائفية والهواجس والغرائز . التشجيع على الحوار والتلاقي بين المكونات الداخلية سواء في المخيمات الفلسطينية أو خارجها . محاولة الحؤول دون إمتداد الإنقسامات العربية الى الداخل الفلسطيني والدفع بإتجاه التلاقي بين السلطتين في الضفة الغربية وغزة وتشكيل حكومة فلسطينية موحّدة تشمل كل المكونات الفلسطينية .

في موضوع فيلم المخرج سبيلبرغ، الإعتراض ليس مضمون الفيلم بمقدار ما هو على شخص المخرج الذي أساء إلى لبنان عندما تبرع بمبلغ مليون دولار للجيش الإسرائيلي دعما له في الإعتداء على لبنان والمقاومة في العام 2006. ولا يجوز في هذه المسألة أن يكون هناك اجتهاد أو تبرير تحت عنوان الحريات والسياحة والسينما والفن إذ أن هناك قرارا للجامعة العربية بمقاطعة إنتاج هذا المخرج ولبنان قبل غيره هو المعني بالإلتزام بهذا القرار. وهذا القرار كان قد صدر عن الجامعة العربية في العام 2006 .

المطلوب حاليا في مقاومة التطبيع الثقافي والفني والإعلامي عدم الظهور على المنصات الإعلامية الإسرائيلية وعدم استضافة أي شخصية اسرائيلية على

المنصات العربية والإحجام عن تداول أي منتج إعلاني اسرائيلي وبذل كل الجهود الإعلامية الممكنة لتوعية الجمهور لمخاطر التطبيع والتركيز على ما يجري في فلسطين ودفع الإدارة الأميركية للتراجع عن قرار الرئيس دونالد ترامب خصوصا وأن فرص التراجع هذه كثيرة إذا تمَّ احتضان الإنتفاضة الفلسطينية وخلق الأوضاع الممكنة لتواصلها مع الجماهير العربية والإسلامية باتجاه ايجاد لوبي ضغط حقيقي على الأنظمة السياسية الخائفة والمترددة.