في الشكل كانت زيارة الوفد الوزاري البولندي والذي ترأسه رئيس الوزراء البولندي الى ​لبنان​ مجرد زيارة عادية لإجراء محادثات على مستوى الدولتين اللبنانية والبولندي، إلا أن في مضمون وطيّات اللقاءات التي أجريت الكثير من الملفات الدسمة التي طرحت على الطاولة، من ​ملف النازحين السوريين​ الى التعاون الأمني والإقتصادي و​مكافحة الفساد​، ف​ملف النفط​ والغاز، وفي نفس الوقت لا يمكن فصل الزيارة عن إطلاق لبنان المناقصات لتلزيم الشركات في مجال النفط.

بين 11 و15 كانون الأول قام وفد لبناني رفيع يترأسه وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد ​نقولا تويني​ بزيارة عمل الى ​بولندا​ بناء على دعوة من وزير الأمن القومي ماريوس كامينسكي وهو المشرف المباشر على عمل الاجهزة وهي وكالة الاستخبارات، وكالة الامن الداخلي، مكتب مكافحة الفساد، مكافحة التجسس، ووكالة الاستخبارات العسكرية. وبحسب مصادر متابعة للزيارة فإن "الهدف كان الاطلاع على الخبرات البولندية بشأن مكافحة الفساد وتأسيس للشراكة والتعاون بين الدولتين"، لافتةً الى أن "إجتماعات عدّة عقدت في هذا المجال مع الوزير ماريوس كامينسكي ورئيس مكتب مكافحة الفساد ارنست بيدا ورئيس الإستخبارات بيوتر كرافتشك وأفضت الى دعوة البولنديين الى لبنان"، مضيفة: "التنسيق بين الجانبين اللبناني والبولندي استمر لأكثر من شهرين والتحضير كان جار لزيارة بيدا الى لبنان إلا أن المفاجأة كانت بإعلام رئيس الحكومة البولندي الدولة اللبنانية أنه سيترأس الوفد بنفسه".

للمرة الأولى منذ العام 2000 يزور رئيس حكومة بولندا لبنان، والواضح أن عين البولنديين على التعاون النفطي مع لبنان. هذا ما يؤكده مستشار وزير الفساد جاكوب كلوازويسكي في حديث لـ"النشرة"، كاشفاً أن "بولندا مهتمة بالغاز والنفط في لبنان وهي تريد الحضور الى القطاع النفطي اللبناني ليس فقط عبر التنقيب بل ربما عبر استيراد الغاز"، مضيفاً: "لدينا شركة نفطية هي الأشهر في بولندا واسمها (PGNIG) وبها سننافس".

تعاني بولندا من عبء النزوح الأوكراني الكثيف إليها وهي استقبلت أكثر من مليون ونصف نازح أوكراني، وهذا العدد الكبير جعلها تقفل أبوابها أمام النازحين السوريين مفضَلة أن تكون وجهتهم الى بلاد أخرى، وما تعانيه بولندا جراء النزوح الأوكراني يعانيه لبنان نتيجة النزوح السوري اليه. وهنا يشير كلوازويسكي الى أننا "نسعى الى مساعدة لبنان في حل قضية النزوح ليس عبر أخذ النازحين بل عبر تأمين عودة هؤلاء الى بلادهم"، لافتاً الى أن "بولندا قررت تحويل مبلغ عشرة ملايين دولار لمشروع النازحين واعادتهم الى بلادهم وهي ستعمل مع الحكومة اللبنانية في كلّ نقطة"، ومضيفاً: "الفارق بيننا وبين المنظمات والجمعيات الموجودة في لبنان لحل قضية النزوح كـUNHCR وغيرها، ان الدولة اللبنانية لا تدير هذا الملف بل الجمعيات، هذا الأمر يختلف معنا لأن الدولة اللبنانية هي التي ستدير هذا الملف لناحية الأموال أو حتى داتا المعلومات عن النازحين".

يقول كلوازويسكي أن "زيارة رئيس الحكومة البولندي الى لبنان لم تكن لعقد اللقاءات على مستوى الدولة والتشاور بل لإعلان بدء العمل على كافة المشاريع المطروحة"، ويبقى للأيام المقبلة أن توضح حقيقة الاتفاق حول العناوين التي ذكرت بتفاصيلها، فهل سيعرف لبنان الإستفادة مما تقدمه بولندا؟!.