لطالما شكلت الحاضنة الشعبية ورقة قوة استخدمتها "​جبهة النصرة​" المنضوية حاليا في ما يُعرف بـ"​هيئة تحرير الشام​"، لمواجهة أخصامها وبالتحديد الفصائل المعارضة الأخرى ما مكنها من ابتلاع قسم كبير منها وتفكيك القسم الآخر. الا أن التطورات الحالية في ريفي ادلب وحلب الغربي توحي بفقدان "النصرة" هذه الورقة بعد خروج مظاهرات شعبيّة كبيرة تدعم الحملة العسكريّة التي تشنها الفصائل التي توحدت أخيرا في كنف "جبهة تحرير ​سوريا​" التي تضم بشكل أساسي حركة "أحرار الشام" وحركة "نور الدين الزنكي".

وقد خسرت "هيئة تحرير الشام" في المعارك الأخيرة التي اندلعت في الـ20 من الشهر الجاري عددا كبيرا من مناطق سيطرتها بعدما كانت قد وضعت يدها على القسم الأكبر من محافظة ادلب. وقالت مصادر معارضة ان خسارات الهيئة كبيرة جدا وتصل الى حد 40 قرية وبلدة خلال 6 أيام فقط اضافة الى مقتل ما لا يقل عن 100 من عناصرها.

وترى الفصائل المناوئة لـ"النصرة" أن الفرصة متاحة أمامها اليوم للانقضاض عليها في لحظة ضعفها في ظل الانشقاقات المستمرة في صفوفها والأهم انقسام القسم الأكبر من المؤيدين لتنظيم "القاعدة" عنها، بعد الخلافات الكبيرة التي اندلعت بينهم وبين أنصار ​أبو محمد الجولاني​. وتعتبر مصادر مطلعة على الملف ان فقدان "هتش" القاعدة الشعبية يحولها الى "خاصرة رخوة سهلة للاستهداف، وهذا ما بدا جليا في الايام القليلة الماضية بحيث اضطر عناصرها للانسحاب من عدد من القرى والبلدات، كما انّهم وفي المناطق التي خاضوا فيها مواجهات مباشرة، أظهروا عن ضعف عسكري الأرجح عائد لانهيار معنوي بعد سلسلة الضربات التي تلقوها عبر اغتيال عدد كبير من قيادييهم وبخاصة الأجانب، ان كان عبر ضربات جوية نفذها التحالف وروسيا او من خلال عمليات اغتيال في الاشهر الماضية".

وفيما رشحت معلومات عن دعم تركي تتلقاه "جبهة تحرير سوريا" التي تشكلت مؤخرا لمساعدتها على السيطرة على كامل الحدود السوريّة التركية من جهة ادلب، واذا أمكن القضاء نهائيا على تواجد "النصرة" في المحافظة ككل، باطار مسعى أنقرة الوفاء بالتزاماتها للدول الضامنة في آستانة، نفت مصادر في "الجيش الحر" في ادلب هذه المعلومات معتبرة ان تركيا كما روسيا ودول أخرى لا تزال تعول على دور "النصرة" في سوريا وعلى ورقتها التي لا تستعجل على الاطلاق احراقها. وتقول المصادر: "الروس يتمسكون بالنصرة كمبرر لهجوم النظام المستمر على ادلب وكغطاء للعمليات الجويّة التي يواصلون تنفيذها والتي تستهدف فصائل الحر لا النصرة. كما ان الاتراك والارجح واشنطن لا يريدون القضاء بالمرحلة الحالية على "هيئة تحرير الشام" ليفاوضوا بورقتها التي لا تزال الأقوى بالنسبة اليهم على طاولة المفاوضات".

وتتحدث المصادر عن "قرار داخلي اتخذته الفصائل بدعم شعبي لاطلاق معركة القضاء على النصرة كرد فعل على كل المعاناة التي سببتها وتسببها لسكان ادلب، كما لوضع حد لحملاتها المستمرة على الفصائل"، معتبرة انّه "ولأول مرة نعتقد ان المجموعات المناوئة لهيئة تحرير الشام قادرة على مواجهتها عسكريا وحتى القضاء عليها، الا اذا كان هناك تدخل خارجي لدعمها ومنع سقوطها النهائي".

بالمحصلة، سواء كانت المعركة المحتدمة حاليا في ريفي ادلب وحلب هي المعركة النهائية للقضاء على "النصرة" بعد القضاء على "داعش"، أم أنّها ليست الا فصلا من فصول المواجهات المستمرّة منذ سنوات بينها وبين الفصائل الأخرى، يبدو ان ملف ادلب فُتح على مصراعيه، على ان يُتخذ القرار النهائي بشأنه بعد حلّ ملف ​الغوطة الشرقية​.