قد يكون المشهد الإنتخابي في دائرة زحلة والبقاع الأوسط من بين الدوائر الأكثر وضوحاً لناحية التحالفات. في هذا المشهد أصبح محسوماً أن ​تيار المستقبل​ سيكون مع ​التيار الوطني الحر​ و​حزب الطاشناق​ وبعض المستقلين على لائحة واحدة (قوامها ​سليم عون​ و​أسعد نكد​ وميشال ضاهر وميشال سكاف وجورج بوجيكيان و​عاصم عراجي​ و​نزار دلول​)، وأصبح محسوماً أيضاً أن ​حزب الله​ لديه مرشحه عن المقعد الشيعي أنور جمعه المتحالف مع النائب ​نقولا فتوش​، وكذلك بالنسبة الى القوات التي تدرس قيادتها من هو الأنسب بين ميشال فتوش وجورج عقيص وأنطوان طعمه لترشيحه في الوقت الذي حسمت فيه خيارها بالتحالف مع سيزار المعلوف ولا تزال تتفاوض مع ​حزب الكتائب​ الذي رشح النائب ​ايلي ماروني​ والقيادي شارل سابا. اما ​الكتلة الشعبية​ فحتى اللحظة، يبدو أنها ستخوض المعركة منفردة بلائحة تترأسها ​ميريام سكاف​. أمام هذا المشهد، أجرت شركة إحصاء بارزة منذ عشرة أيام إستطلاعاً للرأي في الدائرة، وبنتيجة هذا الإستطلاع تبين أن هناك خمسة مقاعد شبه محسومة قبل فتح صناديق الإقتراع، المقعد الماروني، مقعد كاثوليكي من إثنين، المقعد الأرثوذوكسي، المقعد السني والمقعد الشيعي، وقد تنحصر المنافسة على المعقد الكاثوليكي الثاني وعلى المقعد الأرمني.

وفي شرح أكثر تفصيلاً للدراسة، يتبين أن تيار المستقبل وهو اللاعب الأقوى في الدائرة، قادر على حسم المقعد السني لمصلحته، كذلك بالنسبة الى ​القوات اللبنانية​ التي تؤكد الأرقام أن أصواتها كافية لحسم مقعد لصالحها ويرجّح أن يكون المقعد الأرثوذوكسي. رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، لن تتمكن من حصد أكثر من مقعد يرّجح أن يكون كاثوليكياً، والتيار الوطني الحر لن يحصد أكثر من مقعد واحد أيضاً هو المقعد الماروني. أما المقعد الشيعي فسيذهب بطبيعة الحال لصالح حزب الله. تبقى المعركة على المقعد الكاثوليكي الثاني وعلى المقعد الأرمني. وعن هذين المقعدين، تشير أرقام الدراسة الى أن تيار المستقبل كما القوات اللبنانية سيكونان الأوفر حظاً في المنافسة عليهما، وذلك إنطلاقاً من كل إستطلاعات الرأي التي تضعهما في المرتبتين الأولى والثانية في عاصمة الكثلكة. وهنا لا بد من الإشارة الى أن فوز تيار المستقبل بأحد المقعدين المتبقيين، لن يكون في حال حصوله لمصلحة مرشح حزبي من التيار الأزرق على إعتبار أن عراجي هو المرشح الوحيد المحسوب عليه في اللائحة، بل لمصلحة شخصية متحالفة مع التيار الوطني الحر أو لمصلحة مرشح الطاشناق إذا رفع الأخير من نسبة إقتراع مناصريه. وكذلك الأمر بالنسبة الى القوات، التي وإن فازت بمقعد ثانٍ فلن يكون قواتياً ملتزماً بل شخصية زحلية متحالفة مع القوات.

على رغم حسم خمسة مقاعد من مقاعدها السبعة قبل فتح صناديق الإقتراع، ستبقى دائرة زحلة التي حملت لقب أمّ المعارك في إنتخابات ٢٠٠٩، من بين الدوائر التي ستشهد أعنف المواجهات الإنتخابية في أيار المقبل، كيف لا، واللاعبون المتنافسون على أرضها لا ينتمون الى طائفة واحدة أو الى حزب واحد بل الى موزاييك سياسي وطائفي، يظهر بشكل واضح التبدلات السياسية التي شهدها لبنان بعد إستقالة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ الملتبسة من المملكة العربية ​السعودية​ وتداعياتها على المشهد اللبناني.