ودخلنا الى نفق الانتخابات، بحماس منقطع النظير وبملئ ارادتنا ، اقبلنا على هذه اللعبة وكأننا نقبل على طاولة مليئة بالأطايب ورحنا ننهش ما عليها ... مأخوذين باخبار المرشحين، وبتركيب اللوائح، وبسماع برامج معظمها مكرر وفارغ، من دون ان ننسى تلك التصاريح العنترية ... ومن دون ان ندري تحولنا بشكل مباشر او غير مباشر الى مكنة انتخابية كبيرة لا هم لها الا متابعة اخبار المرشحين والقانون والتحالفات والانسحابات بادق تفاصيلها وأصغرها ساعة بساعة ومن دون اي استراحة، كأننا نقرر او نستطيع ان نبدل البازل الانتخابي متناسين ما نعيشه من مشاكل ومصائب وصعاب :

لم يعد احد يتذكر ازمة ​النفايات​ التي ما برحت تدمر صحتنا وبيئتنا وتلتهم ما تبقى من جمال جبالنا وشواطئنا،

ووضعنا في ثلاجة الانتظار تفاصيل حل الازمة الاقتصادية التي تعصف بنا، ازمة لم يعرفها ​لبنان​ منذ زمن، ازمة كبيرة ،عميقة وبنيوية، ولو حاول البعض التقليل من اهميتها...

نسينا غلاء الاسعار المفاجىء وباتت صور المرشحين اهم من سعر الحليب واللحم وكل ما نحتاجه لكي نستطيع الصمود الى السادس من ايار الموعد المنتظر لانتخابات نعرف نتائجها سلفا...

نتابع اخبار الانتخابات بدقة، اما توقف المصارف عن اعطاء فوائد مدعومة تمكننا من شراء منزل يأوينا في بلاد الارز ، اضحى في موسم العز هذا خبرا ثانويا على الرغم من التاثير السلبي لهذا الانقطاع على قطاع اساسي في بناء اقتصادنا...

لم نعد ننتبه الى عجقة السير الخانقة وهي باتت رفيقة ايامنا ومشاويرنا وتنقلاتنا، فنحن نتلهى بتسقط اخبار المرشحين عبر المذياع فخطاباتهم ومقابلاتهم وخصوصا وعودهم تنسينا الزحمة وحرارة الطقس ومخالفات بعض السائقين والسائقات...

فجأة خف حماسنا وانتظارنا لكي توافق سفارات العالم على منحنا تاشيرة هجرة الى بلاد الله الواسعة او لشراء منزل في احدى الدول لكي نهرب نحن او اولادنا من بعدنا من بلد معظمنا لم يعد مقتنع به، فالسادس من ايار هنا خلف الباب ولننتظر هذا الموعد الحاسم، فالموسم موسم قطاف والتغيير الموعود لا بد ات...

الكل يتصالح مؤقتا مع الكل الرجل مع زوجته الجيران الاقارب مع بعضهم البعض العمال مع ارباب العمل، لا بهدف السلام والمصالحة الحقيقية، وانما الزمن هو زمن الانتخابات ولا مكان للمشاكل فيه للننتظر ظهور النتائج فيبنى على الشيء مقتضاه...

هو الفلكلور نعيشه حتى الثمالة، وفيروس الانتخابات يصيب عقولنا وقلوبنا فنتحمس وننقاد مع حملات رخيصة وبدائية... اما من استطاع الهروب من هذا الجو فيردد بسره ليت درب الانتخابات لم تمر من عندنا... طالما لا تبديل ولا تغيير ولا من يحزنون...