لم يخرج رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" وزير الدولة لشؤون المهجّرين ​طلال ارسلان​ يوما في تموضعاته السياسية عن الحلف الثابت مع رئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​، ولا عن الارتباط الوثيق مع "الثنائي الشيعي". المسألة عند "المير"، لم تكن ترتبط بمكسب أو حصة نيابية أو وزارية. كان "المير" يردد الحديث عن الوفاء والالتزام والصداقة والحلف الاستراتيجي الذي تتخطّى أبعاده الحدود المحلية، لتصل الى مقاربة الملفات الخارجية، وفي مقدّمها العلاقة مع سوريا. رغم كل العواصف التي هبّت على خلدة، صمد ارسلان في تموضعه، مشاكسا، معارضا لسياسات "المستقبل" الى حدود قصوى. شارك في حكومات، ليس بفعل أعداد نواب كتلته، بل لتأمين توازن سياسي في البيت الدرزي. للأمانة، ساهم رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب ​وليد جنبلاط​ في ارساء ذاك التوازن. تمّ استبعاد رئيس حزب "التوحيد العربي" وئام وهّاب عن اللعبة الدرزية في المجلس النيابي والحكومة. للحزبين "التقدمي" و"الديمقراطي" مصلحة مشتركة بتجاهل الجاهلية، خصوصا بعدما زادت نجومية وهّاب وخدماته المفتوحة ضمن امكانياته. شكّلت الرابية حضنا لوهّاب، بعد ابتعاد ارسلان عنها. خاض وهّاب معارك "البرتقاليين"، وخصوصا" في انتخابات رئاسة الجمهورية، لكن التيار "الوطني الحر" لم يحفظ لوهّاب وفاءه، ولا دوره. فضّل وزير الخارجية جبران باسيل التعاون مع جنبلاط، من دون الاكتراث بالحليف التوحيدي. لكن الودّ الذي جرى تبادله بين الرابيه وكليمنصو، أحاطه الحذر الدائم بين الفريقين.

اتت التحالفات الانتخابية تحمل معها مشهدا سياسيا جديدا. طار وهّاب نهائيا من الحسابات الباسيلية. وصار "المير" سندا للبرتقاليين، وخصوصا في عاليه-الشوف، ومرجعيون–حاصبيا. بالنسبة الى "المستقبل" و"الوطني الحر"، تكمن المصلحة مع ارسلان، بالاستفادة من أصوات "الديمقراطي"، في رفع الحاصل الانتخابي في دائرة ​الجنوب​ الثالثة لتأمين فوز المرشح "المستقبلي" عماد الخطيب. لم يكتف ارسلان عند هذا الحد. حالف رئيس الحكومة سعد الحريري، ونظم له خطابا حارا، لم يقله يوما بصديقه فرنجية. يعرف "المير" أن اللعبة الانتخابية في تلك الدائرة الجنوبية لن تعطيه مقعدا، بل موقعا ضمن حلف الحريري–باسيل. هل يريد "المير" زكزكة "الثنائي الشيعي"؟ أم يسعى لفرض نفسه رقما في مواجهة جنبلاط؟.

كل السيناريوهات قائمة في لعبة سياسية يحق فيها لارسلان التكتيك للوصول الى هدف مشاركته في السلطة بعد ​الانتخابات النيابية​، خصوصا أن كلاما يقال عن عدم نية "وليد بيك" اشراك ارسلان في الحصة الدرزية الحكومية. يحق لجنبلاط وضع الفيتو حينها، في حال لم ينل "الديمقراطي" أكثر من مقعدين نيابيين. عندها سيكون الحريري وباسيل في موقع المفاضلة بين جنبلاط وارسلان. ما يربط الحريري بجنبلاط عميق، رغم كل الملاحظات والانتقادات المتبادلة. لكن باسيل يستطيع المناورة باستخدامه "الديمقراطي" في وجه جنبلاط. قد يكرر باسيل مع ارسلان، ما سبق وفعله مع وهّاب. كل شيء في السياسة اللبنانية وارد. المسألة ليست عقائدية، ولا استراتيجية. انها لعبة مصالح، أظهرتها التحالفات المتناقضة بين دائرة ودائرة.

الحريري وباسيل يستخدمان أكثر من فريق سندا لمعاركهما الانتخابية في كل الدوائر. غيرهما يلعب بنفس الاسلوب أيضا. لكن دور السند يقتصر على مرحلة الانتخابات. بعدها ستحدد النتائج أحجام القوى في الحكومة. قد يجد "الديمقراطي" نفسه معارضا لسياسات الحكومة، في حال فرض جنبلاط استبعاده عن المشاركة فيها. لن ينفع حلف "المير" الانتخابي مع الحريري ولا باسيل، خصوصا في حال وافق "الثنائي الشيعي" على المضي بالمشاركة، وعدم حفظ دور ارسلان في الحكومة. هذا وارد جدا".

قد يكون الهدف تأليف أحلاف سياسية بعد الانتخابات النيابية، يعود فيها ارسلان الى طاولة الرابية، لكن برئاسة باسيل هذه المرة. الفارق أن تلك الطاولة لن تعطيه حقيبة وزارية، ولن تجمعه مع صديقه فرنجية. "المير طلال" صنّف نفسه في صف مواجهة "سليمان بيك"، ومشاكسة حركة "أمل" المتحالفة مع "​حزب الله​". تداعيات التموضعات الانتخابية ستتظهّر في صبيحة السابع من آيار. بالانتظار.