أفادت أوساط ديبلوماسية فرنسية متابعة للاوضاعَ بعد الانتخابات النيابية بـ"أن كل الفرقاء تعبوا من الحروب وعدم الاستقرار، وأنهم تحت ضغط الشعب الذي يتطلع إلى الاستقرار والأمن وأوضاع معيشية أفضل"، معتبرةً أنه "لهذه الأسباب تسود رغبة لدى كل مسؤولي الأحزاب التي شاركت في الانتخابات، بتشكيل حكومة وحدة وطنية في سرعة على أن يتقاسم فيها الجميع الحصص".

ولاحظت أن "وحده رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميل عبر عن موقف معارض، ما يظهر أن كل الجهات حيدت أجندتها الأيديولوجية وأعربت عن ارتياحها لقانون الانتخاب لأنه أعطى لكل فريق حصته مع احترام التوازنات وإن لم تحصل أي صدمة أو اهتزاز" ولاحظت أن "​حزب الله​" "يتبرجز" أي يصبح برجوازياً، إذ إن قاعدته الاجتماعية اغتنت والشيعة في لبنان لم يعودوا مستضعفي العالم"، مشيرةً إلى أنه "على رغم ذلك، لا يزال هناك إمكان لوقوعهم في الفخ ال​إيران​ي برضوخهم لضغط طهران إذا كان ذلك ضرورياً للجانب الإيراني في حال أراد إجبار الحزب على تكثيف التدخل العسكري في سوريا وطهران طلبت ذلك من الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله خلال زيارته إياها أخيراً، إلا أنه رفض".

واعتبرت أن "اللافت هو أن ما تم ضربه من مواقع إيرانية في سورية من إسرائيل، لم يكن للحزب أي وجود فيها وفق معلومات ​باريس​"، معربةص عن اعتقادها أنه "إذا قررت إيران الخروج من الاتفاق النووي، فقد يزداد الضغط الإيراني على الحزب لجره إلى الدخول في المعركة المحتملة بين إيران وإسرائيل في سوريا، ما يتسبب بالخطر على لبنان" ورأت أن "كل الفرقاء السياسيين في لبنان عازمون على تشكيل حكومة وحدة وطنية في سرعة على أن يتقاسم كل منهم الحصص وأن ينظروا في خياراتهم السياسية لاحقاً".

وذكرت أن "رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ يريد الإسراع في تشكيل الحكومة، فهو أيضاً يقع تحت الضغط من المجتمع الدولي للقيام بالإصلاحات التي إذا لم تتم لا يمكنه الحصول على أي تمويل من مؤتمر "سيدر"، مشيرةً إلى أن "الإصلاح الملح يتعلق بقطاع الكهرباء، وإن باريس تعتقد أن «هناك حلولاً سهلة لهذا القطاع، منها بناء معمل للكهرباء الذي تقدمت بمشروع في شأنه شركة "جنرال إلكتريك" وذلك من دون تأخير، فنظام البواخر الحالي لا معنى له لأنه كمن يلجأ إلى تكثيف إضاءة مكان عبر محول كهربائي، في موقعٍ الكهرباء ضعيفة فيه أساساً".

وأشارت المصادر إلى أن "الحريري يطالب باريس ببذل الجهود مع إيران في شان التزام "حزب الله" مبدأ ​النأي بالنفس​ عن حروب المنطقة وصراعاتها، لأنه يعتبر أن الحزب مشكلة إيرانية وليست لبنانية" كما لاحظت "تغييراً في لهجة رئيس الجمهورية ميشال عون التي أصبحت رئاسية أكثر مما كانت عليه في السابق، فهو يتحدث عن الوحدة الوطنية ومكافحة الفساد وعن الشعور بالوطنية".

وحول مشكلة اللاجئين السوريين، لفتت المصادر الفرنسية إلى أن "الرئيس عون يعتبر أن بالإمكان إعادة عدد منهم فوراً وأنه يريد التفاوض مع الجانب السوري حول ذلك. أما الحريري فيتوقع المزيد من المساعدات على هذا الملف من الجانب الأوروبي وهو لا يريد التفاوض مع النظام السوري في هذا الموضوع. وتتفهم باريس صعوبة هذا العبء على لبنان" ورأت أن "وزير الخارجية جبران باسيل تحدث بلهجة سياسية بحتة حول الموضوع في بروكسيل وأظهر قساوة في كلامه مع شيء من الابتزاز للدول الغربية، من دون تقديم أي حل واقعي للمسألة، وطريقة تفاوضه حول هذا الملف خالية من أي اقتراح وتقتصر على إعلان موقف سياسي متشدد".