على بعد مسافة ايام من نهاية الاسبوع الحالي ينهي الرئيس سعد الحريري شهره الاولى على تكليفه تأليف الحكومة ويدخل الشهر الثاني وحتى الساعة لا بوادر جدية للدخول في مخاض الولادة الحكومية وفق مصادر سياسية في تحالف امل وحزب الله وعلى تماس من التفاوض الحكومي.

وتقول المصادر ان صحيح ان الحكومات تأخذ وقتاً واخذ ورد وشد وجذب ولم نتجاوز السقوف التي رسمتها الحكومات السابقة وآخرها الحكومة الحالية التي استغرق تشكيلها 10 اشهر، لكن لا يجب الاسترخاء وشبك الايدي وتجاهل كل التحديات الماثلة امامنا داخلياً واقليمياً ودولياً.

وتشير المصادر الى ان ما يطرح من سيناريوهات لحكومة "امر واقع" او "حكومة بمن حضر" او وضع سقف زمني من قبل الرئيس ميشال عون هو من باب الحث والاستعجال والدفع نحو ولادة قريبة وعدم الدخول في لعبة تقطيع الوقت، فلا الرئيس عون في وارد اللجوء الى خطوة كهذه لا يسمح بها الدستور الذي لم يضع شروطاً على رئيس الحكومة المكلف ولم يضع اسقفاً زمنية ولم يحدد معايير التأليف وطريقة التفاوض اي ان كل ما يجري حكومياً في مجال التفاوض وتبادل الطلبات هو من باب العرف فالدستور يكتفي بالمراسيم والتكليف والاستشارات الملزمة واعلان الولادة بمرسوم التشكيل وقبول الرئيس لاستقالة حكومة تصريف الاعمال واصداره مراسيمها عند التأليف واعلان اسماء الوزراء.

وتؤكد المصادر ان حزب الله وحركة امل يستعجلان التأليف كما الرئيس عون لكنهما لا يريدان افتعال ازمة دستورية اوالذهاب نحو خيارات "انتحارية" تعيد الامور الى ما دون الصفر وما قبل التسوية الرئاسية فاستبعاد اي مكون بحكومة من لون سياسي معين او فرز القوى الممثلة في البرلمان بقوة الامر الواقع بين معارضة وموالاة امر غير صحي وسليم في هذه الظروف وومن الخيارات التي لن تمر بأي حال.

وتلفت المصادر الى ان الثنائي الشيعي يضغط لتسريع التفاوض ويشجع الرئيس المكلف على الجدية والبدء بخطوات حقيقية للذهاب نحو خطوات عملية في التأليف وحلحلة العقد التي لا تزال على حالها.

وتشدد على ان العقدة المسيحية وخصوصاً عقدة تمثيل القوات لا تزال على حالها رغم ما تم تبادله من طروحات بين معراب وبعبدا في الايام الماضية، ووفق المعلومات المتوافرة من التيار والقوات فإن الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يعتقدان ان تمثيل القوات بأربعة مقاعد عادل ومنصف لها اذا ما اعتمدنا معيار التمثيل الرباعي اي لكل اربعة نواب وزير فالقوات تمتلك في تكتل الجمهورية القوية 15 نائباً اي ثلاثة وزراء لاول 12 نائباً ورابع للنواب الثلاثة المكلمين للـ15. فرئيس القوات سمير جعجع ابلغ عون عبر موفده الوزير ملحم الرياشي انه يريد منصب نائب رئيس الحكومة و3 مقاعد وزارية ومن ضمنها حقائب اساسية وخدماتية كالطاقة والاشغال والاتصالات والصحة. وهو يعتبر ان حجم القوات التمثيلي يؤهلها لتكون صاحب الموقع الخامس في الدولة اي نائب رئيس الحكومة. ويذكر جعجع عون ان اعلان النوايا الموقع عليه في معراب ينص على تقاسم القوات والتيار كل المواقع الحكومية والتعيينات والتوظيفات والمشاريع مناصفة، لكن باسيل "لحس" توقيع عمه عن الاتفاق ولم يلتزم بأي بند منه بينما التزمت القوات بالبند الاول المتعلق بانتخاب الرئيس عون.

وفي هذا السياق رفض عون هذا الطرح لتمسكه بموقع نائب رئيس الحكومة واعطى القوات اربعة مقاعد مع حقيبة خدماتية وازنة.

اما المطلب الثاني الذي لم يلق قبول باسيل فهو طرح القوات بقبولها بخمسة مقاعد حكومية من دون نائب الرئيس شرط ان تكون اثنتان اساسية وواحدة خدماتية وهو طرح لاقى اعتراض عون ايضاً لانه عملياً يقصي المردة والكتائب وتحالف مسيحي 8 آذار ويخلق مشكل مسيحي في مكان آخر.

وعما يحكى عن رفع القوات وجعجع لشعار الفصل بين العهد والرئيس عون والتيار وباسيل، تؤكد اوساط مسيحية ان جعجع "يناور" في طرحه الفصل بين عون وباسيل اي انه يريد تحييد عون وموقع رئاسة الجمهورية عن "النيران" الموجهة الى باسيل كي لا يكون في موقف حرج امام الكنيسة المارونية والشارع الماوني والمسيحي وخصوصاً انه يطرح نفسه مرشحاً رئاسياً اولاً بعد عون بعد ان كان يعتبر نفسه ناخباً اولاً بتبنيه ترشيح عون.

لذلك التصويب على العهد وعون يعني استهداف للموقع المسيحي والماروني الاول وهذا يحرج جعجع و"يضرب" مشروعه الرئاسي الذي يقف عثرة في وجهه باسيل والذي يمسك بالسلطة ومفاصلها بفعل مصاهرته عون وابقاء كل اوراق الدولة في "جيبه". لذلك ترى الاوساط انه لا يمكن عملياً الفصل بين التيار وباسيل وعون على اعتبار ان ممارسة السلطة شيء والتنظير الكلامي والشكلي شيء آخر.

وتعتقد الاوساط ان العقدة الحقيقية بين التيار والقوات ليست في حجم الحقائب المضخمة التي تطلبها القوات فقط بل في صراع الامساك بالشارع المسيحي بين جعجع وباسيل وهذا ما يؤكد ان تفاهم معراب سقط عملياً وواقعياً منذ اعلان انتخاب عون رئيساً.

وتشير الاوساط الى ان ابرز دلالة على تعقد الموقف بين عون وجعجع وباسيل هو في تثبيت القوات مع الاشتراكي للطعن بمرسوم التجنيس امام المجلس الدستوري وتوقيت هذا الطعن امس بما فيه من استفزاز لعون والعهد الذي اجتمع امس ايضاً مع اللواء عباس ابراهيم وتؤكد المعلومات ان المرسوم اصبح جاهزاً وتم تنظيفه من اكثر من 50 اسماً وسيتم تأجيل العمل فيه حتى تشكيل الحكومة المقبلة لكونه يحتاج الى مرسوم عادي جديد لالغاء القديم ويجب ان يصدر من حكومة اصيلة على غرار هذا المرسوم.