فتحت تغريدة نائب ​بعلبك​-الهرمل جميل السيّد شهية النواب والمواطنين على المطالبة بتحسين اوضاعهم ومناطقهم. لن يقتصر الأمر على ​البقاع​ الشمالي الذي يئنّ من حرمان طويل الأمد، لأسباب عدة، ظاهرها تقصير الدولة، وباطنها تقاطع مصالح زعاماتية تاريخية، وحزبية حالية. بإستثناء كلام رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​محمد رعد​، يسود صمت قيادات ونواب الحزب في البقاع. هم مربكون او راضون على كلام السيد؟.

الكفّة تميل لصالح الارباك، لأن الحديث بدأ يتردد في البقاع عن مسؤولية "​حزب الله​" في التقصير بحقّ المنطقة، ولا تقع المسؤولية على "​حركة امل​" فقط. يبدو الحزب كمّن يبلع "الموس". فإذا وافق على مضمون تغريدات السيّد، سيخرج حديث الحركيين الذي يقولونه في السر الى العلن: انكم تتقدّمون علينا في اعداد نوابكم، وتترأسون كتلة بعلبك النيابية، وتنالون الحصص في التوظيفات والتعيينات والادارات وكل المؤسسات مثلنا. لا بل تمسكون القرار في البقاع. فلماذا تتحمّل الحركة وحدها مسؤولية التقصير؟.

واذا اعلن الحزب انه يخالف ما يطالب به السيّد، سيحقق الأخير نجومية شعبية، على حساب نواب الحزب. يعرف السيد تلك المعادلة، ولذلك، لا يخشى من لوم "حزب الله" له. فهو يعتبر نفسه يردد ما يقوله المواطنون، وقد قدّم خدمة للحزب بأن ازاح كرة مسؤولية التقصير من ملعبهم ودفعها بإتجاه ملعب رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​.

رئيس المجلس باشر بردّ الكرة، ورمى اول تسديدة، من خلال اقتراح ستتقدم به كتلة "التنمية والتحرير" لتشريع زراعة الحشيشة في البقاع، لأغراض طبية، بعدما اطلع بري ​السفيرة الأميركية​ في بيروت ​اليزابيت ريتشارد​، التي كانت بلادها تعترض سابقا على تلك الخطوة.

قد يحمل معه بري الى بعلبك في ٣١ آب، مشاريع أخرى، لكنها لن تسد حاجات البقاع. حال تلك المنطقة، كحال المناطق اللبنانية كافة، حيث التقصير الرسمي في كل الميادين. يعلّق سياسي مطّلع على ما يحدث بشأن البقاع، بقوله: مشكلة الاستشفاء التي يعاني منها البقاعيون هي ازمة كل اللبنانيين، لا ​المستشفيات الحكومية​ كافية ومكتفية، ولا يوجد ضمان صحي كامل للمواطنين.

واقع الزراعة المتردي، ينسحب على جبيل وكسروان وعكار والجنوب، كما الوضع في البقاع. لا ارشاد زراعي، والجفاف يتوسع، والزراعات بدائية مقارنة مع دول تحيط بنا، والكلفة عالية مقابل مردود قليل.

لا صناعة في بعلبك-الهرمل، بسبب خوف المستثمرين من فتح مصانع في بعلبك-الهرمل، كي لا يكونوا عرضة للخوّات وعمليات الخطف والاستهداف من قبل عصابات مسلحة تعجز الدولة تاريخيا عن المسّ بها، ويتعايش معها "حزب الله" بسلام. لا بل يخشى التصادم مع عشائرها، لعدم تكرار ما حصل على الحدود مع سوريا منذ أسابيع.

لا سياحة ناشطة في البقاع، لأسباب امنيّة اولا، ولأن لبنان كلّه يعاني منذ بدء الازمة السورية من تردّي سياحته. علما ان جنسيّات عدة تخشى السياحة في مناطق محسوبة سياسيا على "حزب الله"، بسبب البروباغندا الاعلامية الدولية التي تستهدف الحزب.

لم يعد امام البقاعيين الاّ وظائف الدولة. نموذج التقدم للتطوّع في المؤسسات العسكرية والأمنية، يكفي للدلالة. يتقدم عشرات الآلاف فقط من بعلبك-الهرمل، بينما المطلوب من المنطقة بضع عشرات فقط، التزاماً بالتوزيع الطائفي والمناطقي احياناً. تجربة جهاز ​أمن الدولة​ مؤخراً، ساهمت في إظهار الاعتراض الشعبي في البقاع، فلمس النائب جميل السيّد ذاك الواقع، وغرّد في اتجاه يخدمه شخصيا، ويدفع عنه المسؤولية الى ملعب يتحيّن السيد الفرص للتصويب عليه.

في حال طالب بري بتنفيذ شعاره: مجلس بعلبك-الهرمل اسوة ب​مجلس الجنوب​، ستطالب قوى سياسية بمجلس لعكّار، تحت عنوان: من قال ان البقاع يعاني من الاهمال أكثر مما يعانيه الشمال؟ ستكثر المطالبات في عز عجز الدولة عن تأمين المتطلبات المناطقية.

ستزيد الازمات، لأن الواقع الاقتصادي والمالي للدولة اللبنانية في انحدار مستمر. عندها سترتفع المطالبات الشعبية، وخصوصا في البقاع، بظل حديث يتردد عن تراجع قدرات "حزب الله" المالية.

السياسي نفسه سأل: هل تأتي حينها عواصم أجنبية لتعرض على لبنان الانقاذ، مقابل شروط سياسية، كنزع سلاح الحزب، او استثمار الغاز لصالح عواصم نافذة.

سيناريوهات عدة مطروحة، لكن جميعها تتطلب دفع اثمان سياسية، ستتظهر يوما بعد يوم.