ما إن شارفت ​الحرب السورية​ على نهايتها، وبعدما تسلم ​الجيش اللبناني​ من الأميركيين ثمانية لبنانيين القي القبض عليهم وهم يقاتلون في صفوف تنظيم "داعش" ​الإرهاب​ي في الداخل السوري، حتى إتجهت الإنظار في الشمال اللبناني نحو المئات من الشبان الذين تركوا عكار و​طرابلس​ والضنيّة خلال السنوات الماضية مبايعين أمير "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أبو بكر البغدادي أو أمير تنظيم ​جبهة النصرة​، أبو محمد الجولاني، والتحقوا بعد إنتقالهم الى الداخل السوري إما عبر المعابر غير الشرعية وإما عبر مطار بيروت ومن بعده عبر ​تركيا​، بعداد المجموعات الإرهابية المقاتلة.

بين هؤلاء من قتل ودفن في سوريا وقد أقيمت له في لبنان مجالس العزاء، وبينهم من لا يزال على قيد الحياة، إما مقاتلاً إرهابياً حيث لا تزال الحرب دائرة بين الجيش السوري والروس والاميركيين من جهة وما تبقى من فلول الإرهاب من جهة إخرى، وإما فاراً في الصحراء السورية، ويبحث عن الطريق الآمن الذي يعيده الى الشمال اللبناني كل ذلك من دون أن يلقى القبض عليه لا من قبل الجيش السوري ولا في الداخل اللبناني على أيدي الأجهزة العسكرية والأمنية. وعن هؤلاء الراغبين بالعودة الى لبنان، تكشف مصادر شمالية أنهم على إتصال بأهلهم وأقاربهم، "وفي هذه الإتصالات يصرّون على أن يؤمن لهم أهلهم عبر إتصالاتهم وعلاقاتهم عودة آمنة الى لبنان تعطيهم الضمانات الأكيدة بعدم توقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص، كل ذلك بحجة أنهم وقعوا ضحية التنظيمات الإرهابية التي غشتهم وخدعتهم وأنهم يريدون ترك هذه التنظيمات والعودة الى الحياة الطبيعية على قاعدة التوبة".

" ما يرصد في حركة إتصالات هؤلاء من مطالبات بعودة آمنة، ليست إلا أمنيات وإحلام" يقول مصدر أمني بارز، "لأن أي متورط مع داعش وأخواتها من قريب أو من بعيد، هو هدف أمني يجب توقيفه والتحقيق معه، فكيف إذا كان من المقاتلين المنضوين تحت لواء التنظيم"؟ ويضيف "لن نوفّر جهداً لتوقيف أي مقاتل من مقاتلي داعش أو النصرة فور ورود معلومات تفيد بأنه دخل الأراضي اللبنانية، وبعد التوقيف نجري معه التحقيقات اللازمة ونحيله على القضاء العسكري المختص للمحاكمة، كيف لا وهو إرهابي مطلوب، وقد يكون متورطاً بجرائم وتفجيرات ارتكبت بحق الجيش اللبناني أو المدنيين في الداخل اللبناني، وكي نتأكد من كل هذه المعلومات لا بد من توقيف المطلوب والتحقيق معه، وحتى لو لم يكن متورطاً بجرائم نفّذت أو يتم التخطيط لتنفيذها في لبنان، فهو قاتل مع تنظيم أرهابي واصبح بالتالي مطلوباً تفرض القوانين توقيفه".

إذاً لا مجال للتسويات الأمنية أو القضائية في ملف مقاتلي "داعش" اللبنانيين، ولا عودة آمنة لهم الى الداخل اللبناني، فالتوقيفات والتحقيقات والأحكام في إنتظارهم، مهما حاول أهلهم التوسط لدى السلطات اللبنانية.