أشار وزير الخارجية الاسبق ​عدنان منصور​ الى أن "دور السفير السوري في لبنان ينحصر اليوم في تعزيز العلاقات اللبنانية - السورية، التي هي ليست علاقات أهواء أو علاقات تستدعيها مجرّد ضرورة أو مرحلة من المراحل، وإنما هي علاقات متجذّرة تاريخياً وجغرافياً وأُسَرياً ومصيرياً وأمنياً واقتصادياً بين البلدين. فدور السفير السوري سواء كان في المرحلة الحالية أو مستقبلاً يصبّ في هذا الإطار، وهو ما يعمّق ويعزّز العلاقات الثنائية بين البلدين".

واوضح منصور في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" إنّه "قد يقبل البعض بالعلاقات القوية بين البلدين وقد يعارض البعض الآخر، ولكن المعارضة المتحجّرة التي ترفض العلاقات الأخوية بين ​سوريا​ ولبنان تحت ستار أن النظام هو الذي يحكم في سوريا، يتخطاها الزمن. اذ شئنا أو أبَيْنا، فنحن نرتبط بعلاقات تاريخية مع سوريا لا نستطيع الخروج منها، ومن مصلحة لبنان في الدرجة الأولى أيضاً أن ينسّق مع الشقيقة سوريا، بشكل ممتاز، وأن يقوم بكلّ ما يلزم لتعزيز الأواصر الاقتصادية بين البلدين. فلبنان هو المعنيّ باستقرار سوريا، و​الأمن​ والاستقرار ينعكسان على البلدين. فإذا اهتزّت دولة من الدولتين اللبنانية أو السورية، تهتزّ الأخرى".

ولفت منصور الى أن "في المرحلة القادمة، لا شكّ أن أموراً كثيرة يجب ان نُعالجها على الأرض، بعد أن تتعافى سوريا، لكون مصلحة لبنان الاقتصادية والأمنية تصبّ في سوريا. واذا كانت توجد سياسات رعناء ومتحجّرة تقول برفض التطبيع مع الشقيقة سوريا، فيما بعض السياسيّين يعتبرون أن التطبيع معها هو "حلم ابليس بالجنة"، فإنّ هذا الأمر مشين ومعيب. فما يجمع لبنان وسوريا هو أكثر بكثير من العلاقات الدبلومسية، وأكثر بكثير من الشكليات، وما يربط البلدين هو المصالح المشتركة والأمن المشترك والمصير المشترك".

وحول إمكانية أن نرى دوراً للسفير السوري في لبنان مستقبلاً يُشبه دور سفراء الدول الكبرى، شدّد منصور على أنّ "السفير السوري لا يتدخل في الشؤون اللبنانية كما يفعل الآخرون. وهو (السفير السوري) منذ تعيينه في لبنان، وحتى اليوم، يتمتّع بمستوى عالٍ جداً من اللّياقة الدبلوماسية، ومن احترام الذات، وأيضاً بمستوى عالٍ في تعاطيه مع المسألة اللبنانية و​الشعب اللبناني​. فالسفير السوري لم يتدخّل يوماً في الشؤون اللبنانية، وكان يتحمل الكثير من التجريح والسّهام ولم يردّ أبداً. وهذا يعني انه كان فعلاً على مستوى كبير من الأخلاقية في التعاطي الديبلوماسي مع لبنان، على عكس ما كان يفعله الآخرون من السفراء الّذين كانوا يقومون بتصاريح يطلبون فيها من ​الدولة اللبنانية​ أن تفعل كذا وكذا وكذا...".

وتابع:"لذلك، نقول إن العمل الدبلوماسي للسفير السوري في المرحلة القادمة سيكون استمرارية لما تكنّه سوريا من احترام للبنان، بالإضافة الى رغبتها بالتواصل الدائم والعمل المشترك معه لما فيه مصلحة الشعبين، خاصة أن بين سوريا ولبنان توجد إتفاقيات موقّعة، مثل إتفاقية "الأمن والدفاع" واتفاقية "الأخوّة والصّداقة"، ويتوجّب علينا ان نطبّق هذه الاتفاقيات، ونخرج من التشنّج ومن المعادلات السيّئة التي يريد البعض من خلالها أن يخرج من أي علاقات مع سوريا وكأنها دولة عدوّة بنظره".

واعتبر منصور أنّ "من لا يريد التطبيع مع سوريا والعلاقات الجيّدة معها هو بكلّ تأكيد يريد أن يندفع باتّجاه تطبيع العلاقات مع ​إسرائيل​، وهذا الأمر يجب التنبّه منه كثيراً".

ورداً على سؤال حول حصول تكامل في أدوار سفيري سوريا و​ايران​ في المرحلة اللاحقة في لبنان، أجاب منصور: "لكلّ دولة سياستها، وهناك فصل ما بين الدبلوماسية السورية والديبلوماسية الايرانية، فضلاً عن أنّ سوريا وايران تريدان لهذه المنطقة الإستقرار والأمن، وأن تخرج من عباءة الهيمنة الخارجية والتسلّط والنفوذ الخارجي، بالإضافة الى مواجهة ​الإرهاب​ الذي ضرب المنطقة كلّها، ومواجهة العدو الصهيوني الذي يهدّد دائماً ويومياً الأرض سواء في لبنان أو ​فلسطين​ أو سوريا. وهذه هي ال​سياسة​ التي ستُحدّد أُطُر العمل بالنسبة لسفراء الدولتين. كما أنّ سوريا وايران تحرصان على إقامة أفضل العلاقات مع لبنان، ولا تريدان التدخّل لا من قريب ولا من بعيد في الشأن اللبناني الداخلي".