في الأسابيع الأولى التي تلت تكليف ​سعد الحريري​ ​تشكيل الحكومة​، أي منذ مئة يوم ونيف، كانت العقدة الدرزية التي تعيق عمليّة التشكيل تنحصر فقط بمسألة توزير رئيس ​الحزب الديمقراطي اللبناني​ النائب ​طلال أرسلان​. يومها كان رئيس ​التيار الوطني الحر​ النائب ​جبران باسيل​ يصر على تمثيل إرسلان انطلاقاً من أن لائحة تحالف التيار مع الحزب الديمقراطي والتي ترأسها المير طلال، حصدت في دائرة الشوف عاليه 4 مقاعد نيابية، (ارسلان، سيزار أبي خليل، ماريو عون وفريد البستاني). يومها كان ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ برئاسة النائب السابق ​وليد جنبلاط​ ولا يزال حتى اليوم، يرفض توزير "المير طلال" إنطلاقاً من مبدأ إحترام نتائج الإنتخابات التي يرى جنبلاط أنها أعطته فوزاً كاسحاً بكل المقاعد النيابية الدرزية بإستثناء مقعد ارسلان الذي ترك شاغراً على لائحة تحالف الإشتراكي-القوات-تيار المستقبل. حتى فوز عضو كتلة التحرير والتنمية النائب أنور الخليل، يعتبر الإشتراكيون أنهم شركاء فيه لانهم كانوا من الداعمين له حتى لو أنه لا ينتمي الى الحزب التقدمي الإشتراكي.

هذا في السابق، أما اليوم، فلم تعد العقدة عقدة توزير ارسلان أو عدمه. العقدة أصبحت كباشاً بين جنبلاط الذي يصرّ على إعطائه كل المقاعد الوزارية الدرزية وهي ثلاثة، ورئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الذي يرفض أن يصبح جنبلاط ممسكاً بميثاقية الحكومة حتّى لا يمنع إنعقادها ساعة يشاء بمجرد سحب الوزراء الدروز عن طاولتها، الأمر الذي يفقدها أحد مكوناتها. وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن أكثر من صيغة حلّ طرحت على الحزب الإشتراكي، لكن هذه الطروحات رفضت بكاملها. واحدة من هذه الطروحات كانت بأن يوزّر درزي غير إرسلان من الحزب الديمقراطي اللبناني الأمر الذي رفضه جنبلاط. طرح آخر قدّم على هذا الصعيد ومفاده أن يأخذ رئيس الجمهورية من حصته مقعداً درزياً يسمى لتوليه شخصية مستقلة مقرّبة منه، على أن يتم التعويض عنه لجنبلاط بمقعد مسيحي، في مقايضة، هي نسخة عن تلك التي إتفق عليها بين عون والحريري الذي سيتخلى عن مقعد سني لرئيس الجمهورية مقابل حصوله على مقعد مسيحي. أيضاً وأيضاً، رفض الإقتراح جنبلاطياً، وبقيت مطالبة زعيم المختاره بالمقاعد الدرزيّة الثلاثة على حالها، حتى أن قيادة الإشتراكي تدرك تماماً بأن الرئيس عون لن يسمح لأي فريق بأن يتلاعب بمصير حكومة العهد الأولى، وهي المنتظرة بالنسبة اليه، كما يمكن أن يحصل فيما لو أمسك جنبلاط أو أي فريق آخر بكامل المقاعد الوزارية المخصصة لطائفته.

إذاً لكل ما تقدم، لم تعد العقدة الدرزية عقدة توزير شخص طلال إرسلان. العقدة أصبحت ميثاقيّة بإمتياز بين رئيس للجمهورية إسمه ميشال عون ورئيس حزب إسمه وليد جنبلاط، مع الأخذ بعين الإعتبار دائماً أن الرجلين لم يلتقيا يوماً في السياسة، والكيمياء بينهما لطالما كانت مفقودة منذ الثمانينيات وحتى اليوم.