أشار رئيس ​المجلس العام الماروني​ الوزير السابق ​وديع الخازن​ الى أن التدخّل الفرنسي الأخير، من خلال إرسال مبعوث خاص إلى ​لبنان​، كان إشارة إنطلاق دوليّة لراعي "سيدر" الرئيس إيمانويل ماكرون لقيام حكومة جديدة في لبنان تلتزم شروط ومعايير الإصلاح المطلوبة من "سيدر"، لافتا الى أن فرنسا ودولاً أخرى باتت ترى أن انتظار إقدام الجانب اللبناني على استيلاد حكومة تتعاطى مع قرارات مؤتمر باريس تخطى الصبر المعقول، إزاء التعقيدات التي يصر المسؤولون على أنها لبنانية داخلية تعترض الحكومة.

وأوضح الخازن في حديث لـ"النشرة" أن ما سُمّي مبادرة من الجانب الفرنسي للتعجيل بتأليف الحكومة، لم يكن سوى تكرار الملاحظة التي طرحها السفير في بيروت برونو فوشيه أمام المسؤولين اللبنانيين الذين إلتقاهم، وفحواها أن تشكيل الحكومة تأخّر، وإذا كان عليهم توقّع المساعدة الدولية في إطار «سيدر» فيُفترض بهم إنهاء أزمة التأليف قبل صرف مساعداته الميسّرة أو تلك التي مخصّصة كهبات.

وتحدث الخازن عن عوامل أخرى ساهمت بالانفراج الحكومي ومنها إقليمية كفتح معبر "جابر-نصيب"، أو بمعنى أدقّ عودة الأردن إلى الإنفتاح على سوريا نتيجة رغبة عربيّة تمهيديّة للمستجدّات التي سجّلتها أحداث الميدان لصالح إستتباب وإستيعاب الدول ذات التأثير بالسير بركب الحل السياسي لإنشغالها بنزفها في الحرب اليمنية. وقال: "هذا دوليًا وإقليميًا، أما داخليًا، فخطورة الحالة المترديّة على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي والمعيشي، والتي في جزء منها تخضع لعوامل الحصار بالعقوبات، ومحاولة تصعيدها، والتفكير الأميركي بعقوبات جديدة بحق شخصيّات لبنانيّة متّهمة بالتعامل مع ​حزب الله​ ولها موقعها في السياسة اللبنانيّة، الأمر الذي حتّم إستشعار كل القيادات أهميّة الوقوف في وجه هذا الإستهداف بحكومة تتصدّى لهذه التحديّات وتنقذ الوضع الإقتصادي من تخبّطه في هذه الوحول". وأضاف: "من هنا ظهرت مؤشّرات من جانب حزب الله لحرصه على الإستقرار السياسي والإقتصادي في الإجتماع الأخير الذي عقده رئيس التيار الوطني وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ مع الحاج وفيق صفا المسؤول في حزب الله في مكتبه بالوزارة، ناهيك في حساسية "لواقط" الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بحراجة وخطورة البقاء من دون تشكيل حكومة لجبه هذه التحديات".

وشدّد الخازن على أنه "لم يعد من مبرّر ولا مسوّغ للتأخير في تأليف الحكومة العتيدة ما دامت عقد التفاهم قد أرسيت قواعده بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري ورئيس تكتّل "لبنان القوي" الوزير باسيل"، وقال: "يبقى أن هذه الحكومة، التي ارتسمت ملامحها مع أركان الحلول، ستحمل بصمات الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلّف الحريري، لتكون فوق شبهات الإنحياز لأي فريق إلاّ المواطن الذي ينتظر بفارغ الصبر حلّ مشكلاته اليومية المتراكمة والمتأزّمة على وقع الخلافات والسجالات الحادّة".

وردًّا على سؤال، اعتبر أن أولويات الحكومة العتيدة الأهم هي: مكافحة الفساد، الكهرباء والماء والبنى التحتيّة المهترئة، والمصادر الصحيّة لحماية المواطنين من التلوّث والأمراض المستعصية، "ولا ننسى أن المباشرة بالتلزيمات البحريّة لإكتشاف الثروة النفطية والغازيّة بدءًا من السنة 2019، هي في طليعة الإهتمامات الحكوميّة للإسناد المالي، وتوفير المدَد اللازمة للمشاريع المنتجة". وأضاف: "وقد رأينا كيف سارعت شركة "سيمنس"، لدى زيارة المستشارة الألمانية ​أنجيلا ميركل​ إلى لبنان الأخيرة، إلى عرض خدماتها في النطاق الكهربائي، وتأمين حلّ بكلفة أرخص من عشرة سنتات".

وتطرق الخازن للمصالحة المرتقبة بين "القوات" و"المردة"، فأشار الى أن "المصالحة التاريخية بينهما في لمساتها الأخيرة قبل تكريسها بإعلان رئيس التيار الوزير السابق سليمان فرنجية ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور ​سمير جعجع​ عن هذا الإنجاز الذي إستغرقت الترتيبات والإعدادات له منذ العام 1992، واللحظة التسامحيّة التي قام بها الوزير فرنجية، وان العبرة في نضوجها كرّستها الإنتخابات النيابيّة الأخيرة، والتي خلت من أيّ إحتكاك إستفزازي على الأرض". وقال: "أيّ مصالحة بين خصمين سياسيين لأيّة إعتبارات كانت، تندرج في إطار حالة التصالح التي بدأ تكريسها من مصالحة الجبل التي قام بإرسائها البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير مع الزعيم وليد جنبلاط، وتلتها مصالحة القوات والتيار الوطني الحر في معراب وما إعتراها من إهتزازات تحت الوقع الإنتخابي، إلاّ أنها لم تسقط لأن الفريقين حريصان على تعزيزها وليس تهديدها".