اشار رئيس تيار ​المردة​ ​سليمان فرنجية​ الى انه "متشائلا" حيال المستقبل، يقتنع بأن "لبنان لديه فرصة تاريخية في المرحلة المقبلة مع التحولات الاقتصادية من استخراج ​النفط والغاز​ إلى إعادة إعمار ​سوريا​ والعراق وشبكات المواصلات الحديثة، ليلعب دوراً متقدماً في محيطه". لكنّه في المقابل، وراى أن "قدرة لبنان الحالية وظروفه السياسية وعدم وجود رؤية في البلاد، قد يغرقنا في الديون والأزمات الاقتصادية والبطالة أكثر مّما نحن فيه". واعطى فرنجية مثالاً على ذلك أزمة الكهرباء، وكيف أن بلداً مثل لبنان بهذا العدد من السكان، لم ينجح حتى الآن في حل أزمة عميقة من هذا النوع. وهو على عكس المتوقّع، لا يحمّل طرفاً مسؤولية هذه الأزمة، حتى ولو كان خصماً مستجداً ك​التيار الوطني الحر​. إنّما راى أن "أزمة الكهرباء هي نتاج مسار طويل من الجهل واللامعرفة"، واقترح أن "تضع الدولة خطة اكتفاء ذاتي، ثم تضع تصوّراً للحل عبر دمج مصادر الطاقة من معامل الإنتاج والغاز إلى محطات الطاقة المتجددة، ثم نذهب ونبحث لها عن تمويل كامل، ولو أخذت وقتاً أطول لكن نصل إلى حل جذري ونصارح اللبنانيين ونضعهم في صورة الخطة ونهيئ الأرضية للصبر. صبرنا كل هذه السنين، فلنصبر لننجز حلاً متكاملاً نهائياً".

واعتبر فرنجية ان "اسم المصالحة يكفي لشرحها، هي مصالحة من دون أي اتفاق سياسي أو التزام أو تفاهم مستقبلي. طبعاً هناك تهدئة بين الحزبين والجمهور من نتائج المصالحة، وأصلاً كان هناك قناة اتصال لتخفيف التوتر والاحتقان الذي كان يحصل في السنوات الماضية". وحول المصالحة في لقاء الزعماء المسيحيين الأربعة في بكركي قبل سنوات؟ ردّ فرنجية: "لم تكن مصالحة وقتها، كان لقاء عابراً جرى برعاية بكركي لمصلحة المسيحيين ولبنان، وما حصل الأسبوع الماضي هو أيضاً برعاية بكركي، ولمصلحة لبنان والمسيحيين". تابع: "أما لماذا الآن، فلنسأل عكسياً، متى هو الوقت المناسب؟ ليس هناك من توقيت محدّد، لكن الظروف نضجت، ولا فائدة من التمسّك بالأحقاد. وأكرر هي مسامحة ومصالحة وليست تحالفاً سياسياً".

وردا على سؤال حول تنازله عن دم عائلته، اجاب فرنجية: "أوّلاً هذا ليس تنازلا عن دم عائلتي، هذه مصالحة ومسامحة عن شيء لي الحق فيه أنا وأهالي الشهداء الذين جلست وإياهم قبل القيام بأي تحرك. لا أريد الخوض في التفاصيل، لكنّي على الأقل تنازلت من دون مقابل عن حقّي، فيما تنازل آخرون عن دم غيرهم لأجل الرئاسة". اضاف "جعجع خرج من السجن بتوافق سياسي، وهو موجود في الحياة السياسية، والحلفاء والخصوم يتعاملون معه بهذه المعطيات، ثمّ إن منطق "صك البراءة" منحه التيار الوطني الحر و​الرئيس ميشال عون​ لرئيس القوات في معراب، وأوقفوا الحملات الإعلامية ضد القوات ووقّعوا وثيقة وعملوا تفاهم سياسي طويل عريض، كلّه لأجل الرئاسة، وعندما وصلوا إلى الرئاسة انقلبوا على الاتفاق على مراحل. أنا على الأقل لم أتعهد له بأي شيء وهو كذلك".

اضاف "لا أرى أن المسألة ربح وخسارة، لكن أعتقد أن المصالحة المجرّدة هي ربح 50 للمردة و50 للقوات. ربّما تتحوّل هذه الفائدة، بحسب الظروف لمصلحة لأحد الفريقين، لأن الظروف المحلية والإقليمية متغيرة". وتابع "فلنأخذ مثالاً، مع أن الانتخابات الرئاسية المقبلة بعيدة المدى، لكن إذا بقيت الظروف الحالية وتقدّم سوريا ومحور المقاومة في الإقليم، وهذا المرجّح لسنوات مقبلة، فإن حظوظي مرتفعة لأكون الرئيس المقبل. في المرة الماضية، كان محسوماً أن الرئيس من ​قوى 8 آذار​ ورئيس الحكومة من فريق ​14 آذار​، أرجّح أن تكون الرئاسة المقبلة على هذا الأساس مع أنها بعيدة وليس وقتها للنقاش، لكن ستكون موازين القوى نفسها. لذلك سيكون الاستحقاق محصوراً بيني وبين ​جبران باسيل​. جعجع جرّب سابقاً خيار عون، وكانت النتيجة الانقلاب على التفاهم. أعتقد أنه بيني وبين باسيل يختارني، فأنا وباسيل من ذات الخيار السياسي، لكن الفرق أنني أخاصم بشرف وأعطي كل ذي حق حقّه ولا أنقلب على اتفاقات". مؤكدا في الوقت ذانه انه "لا يوجد اتفاق على الموضوع، قد تقف القوات إلى جانب هذا الخيار أو لا تقف، لم نناقش الأمر ولم نقترب منه أصلاً. لكن أعطي مثلاً، لأن هناك من يحضّر لانتخابات الرئاسة منذ الآن بأي ثمن وبكل الوسائل، ومنها محاولة القول باحتكار النواب والأصوات المسيحية وهذا غير صحيح طبعاً، أو القول إن المردة خارج جبل لبنان وهذا تفكير متخلّف، التمييز بين مسيحي من جبل لبنان ومسيحي من الأطراف".

وردا على سؤال اذا كانت القوات تأخذ من جمهور المردة مستقبلاً، قال: "مستحيل، نحن جمهوران وعنوانان منفصلان في ال​سياسة​. المردة لا يتحولون إلى قوات والعكس صحيح. لكن كلنا نتنافس على الكتلة الرمادية. للأسف، التيار الوطني الحرّ يوتّر الشارع ويحرّك العصبية، وعندها يمكن للقوات أن تستقطب من هذه الشريحة". زعما اذا كان جعجع لا يزال مخيفاً بأدواره على الساحة اللبنانية، في الأمن مثلاً؟ رد فرنجية: "الجميع مخيف بالأمن بحسب الظروف. في الظروف الحالية لا أعتقد. فليكن السؤال الأخير عن المصالحة، لا أريد تخريبها، لقد مضى ما مضى".

ورأى فرنجية أن "الأمور في ملف الحكومة معقّدة. من الواضح أن همّ باسيل الوحيد هو الحصول على 11 وزيراً، للتأكد من قدرته على إمساك الحكومة في حال حصول أي تطوّر، طالما أن هناك اعتقاداً بأن هذه الحكومة ستبقى مدة طويلة. إذا كان باسيل يثق بحلفائه، فلماذا يصرّ على الثلث المعطّل؟ هذا يعني أنه يفتعل أزمة ثقة، تضاف إلى سلوك عام أخيراً. هل تستأهل معركة الرئاسة توتير البلد منذ الآن؟ هذا سؤال يجب أن يطرح عليه. هناك عقل إلغائي ضد الجميع".

واكد فرنجية ان "موقفه من التطبيع مع اسرائيل مثل موقفه من المقاومة والقضية الفلسطينية. هناك محاولات في لبنان لفرض التطبيع علينا، بكل أشكاله، علينا مواجهته بكل الوسائل أيضاً. هناك حالات محدّدة، القانون لا يلحظها، لذا علينا تعديل القانون حتى يلحظ كل الحالات والاستثناءات وليس اتخاذ قرارات فردية. لا أقول أن ننعزل عن العالم، ولكن ما يحصل خطير ويصبّ في سياق تصفية القصية الفلسطينية وإنهاء الصراع مع العدو الإسرائيلي".