ليست هي المرة الاولى التي يلوح فيها رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ بتوجيهه رسالة الى مجلس النواب لمخاطبته في شأن الحكومة المتعثرة وهي الثانية بعد مطلع ايلول عندما قدم الرئيس المكلف سعد الحريري تشكيلة الى الرئيس عون تبنى فيها مطلب النائب السابق وليد جنبلاط بإعطائه الحقائب الدرزية الثلاث كما تبنى مطلب القوات اللبنانية واعطاها 5 حقائب وزارية على عكس المشاورات التي كانت جارية بين عون والطرفين والمساعي التي بذلت لحل هاتين العقدتين طيلة 5 اشهر.

وتؤكد اوساط بارزة في التيار الوطني الحر ان علان الرئيس عون نيته توجيه الرسالة يأتي من شعوره ان الرئيس المكلف لا يتجاوب مع اية طروح لحل ازمة التأليف ولا يبدي اية ليونة او واقعية في مقاربة المشكلة. وتشير الاوساط الى ان رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل سمع كلاماً سلبياً منذ يومين خلال لقائه بالحريري، عن الطرح بتوسيع الحكومة الى 32 وزيراً مع اضافة مقعد انجيلي ومقعد علوي الاول من حصة عون والثاني من حصة الحريري على ان يكون الوزير السني السادس لاحد النواب الستة السنة. فرفض الحريري لهذا الطرح احبط عون واغضبه لانه بات يشعر ان الوقت صار ضاغطاً جداً وان الحريري يتمادى في هدر الفرص واضاعة الوقت خصوصاً ان موافقة الحريري على هذا الطرح تسرع ولادة الحكومة. فعون وفق الاوساط يعتبر ان في عقدتي القوات والاشتراكي سعى الحريري الى اكثر من طرح وفاوض الرئيس عون على الحلول فتجاوب عون معه وقدم تنازلات خدمت حل العقدتين. في المقابل لم يتجاوب الحريري مع اية وساطة قام بها عون عبر باسيل ولم يقبل بأي طرح وسطي لحل ازمة تمثيل النواب الستة السنة بل على العكس بدا الحريري سلبياً جداً ومتعنت الى اقصى درجة وهذا التعنت يعني ان لا حكومة لا قبل الاعياد ولا طيلة عام 2019 اذا استمر الحريري بالنفس التعطيلي نفسه.

وتقول اوساط التيار ان عون سيلجأ الى هذه الخطوة الدستورية والتي من حقوقه وعليه ان يخاطب مجلس النواب ويحمله مسؤولية الحكومة المتعثرة وايجاد الحلول لها فهو صاحب تسمية الحريري وعليه ان يحل ازمة التعطيل رغم عدم وجود صلاحية للمجلس في سحب التكليف الا اذا تقدم الحريري بتشكيلة لم تنل الثقة فتعاد الاستشارات النيابية غير الملزمة ليسمى رئيس مكلف جديد للحكومة.

وتؤكد الاوساط ان الرئيس عون يريد حكومة في اقرب وقت فالامور الاقتصادية والمالية لا يمكن ان تبقى معلقة ولا يمكننا الاستمرار بمخطط استنزاف البلد واستنزاف العهد وتفشيل كل الانجازات التي تحققت خلال العامين الماضيين من ولاية عون.

في المقابل تؤكد اوساط بارزة في 8 آذار ان تلويح عون بالرسالة الى المجلس دليل على تأزم العلاقة مع الحريري ووصول التأليف الى حائط مسدود فتعنت الحريري ورفضه الحلول انصياع لرغبة السعودية بالتعطيل واحراج عون وحزب الله في ظل التحديات الداخلية والخارجية والتهديدات الصهيونية تجاه لبنان. فتعثر الحكومة يزيد الضغط على حزب الله وحلفائه. وتشير الاوساط الى ان انجاز عون للرسالة وارسالها يعني بدء الازمة المفتوحة مع الحريري ودلالة على تعثر كل المخارج لتأليف الحكومة فهي خطوة دستورية تكاد تكون الخرطوشة الاخيرة في جعبة عون مع رفض الحريري لكل صيغ الحلول الوسط في ازمة تمثيل نواب 8 آذار السنة. فإما يقتنع الحريري بصيغة الـ32 وزيراً للحل في ظل وجود موافقة عليها من معظم الاطراف وإما سنذهب نحو ازمة مفتوحة لان الرسالة قد لا تؤدي عملياً الى سحب التكليف من الحريري في ظل تأييد جنبلاط له وكتلة المستقبل والقوات وهذا ما سيشكل له غطاء بالاضافة الى ان الرئيس نبيه بري لن يذهب في هذا التوقيت الصعب الى خطوة كسر الحريري والسعي الى تبديله كما ان حزب الله في هذه اللحظة وفق الاوساط ما زال يحاذر هذه الخطوة ويعتبرها في توقيتها ذات كلفة عالية ومن شأنها تأزيم الوضع السني- الشيعي.

في المقابل تشدد الاوساط على ان الكلفة الباهظة لاستمرار التعطيل وترك الحريري يمعن في تفشيل الوساطات والحلول اكبر بكثير من تبديله او تكليف غيره فقد يكون آخر الدواء الكي فإما التأليف بحكومة متوازنة وترضي الجيمع بما فيهم سنة 8 آذار وإما سندخل في ازمة مفتوحة بلا حكومة واتجاه الى بديل للحريري.