رغم تبريد حماوة الاشتباك الاعلامي والسياسي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بين حزب الله و​التيار الوطني الحر​ ورئيسه الوزير ​جبران باسيل​، بقيت الاجواء الحكومية مسدودة في ظل وجود برودة واضحة في حرارة التواصل بين المعنيين بالتكليف ولا سيما رئيسي الجمهورية العماد ​ميشال عون​ والحكومة المكلف ​سعد الحريري​ وحزب الله و​اللقاء التشاوري​، الامر الذي يؤشر الى ان الازمة الاخيرة فعلت فعلها في التأزيم ودخلت الامور في مربع مقفل وصعب للغاية وفق ما تؤكد اوساط بارزة في 8 آذار. وتلمح الاوساط الى ان حزب الله والرئيس نبيه بري وفريق 8 آذار ما زالوا جميعاً يفصلون بين موقف عون ورؤيته الحكومية وبين موقف باسيل ورؤيته رغم تناغم الرجلين في الطروحات نفسها وخصوصاً في المبادرة الاخيرة التي قادها اللواء عباس ابراهيم اخيراً والتي كانت تنص على ان يكون هناك ممثل للقاء التشاوري من حصة عون على ان يكون ممثلاً لهم على طاولة ​مجلس الوزراء​ لا عون. ويخدم هذا الفصل في بقاء العلاقة جيدة وممتازة مع عون على ان يبقى هو المرجع والحكم في الملفات السياسية الكبرى وفي ملف الحكومة وخصوصاً ان "تنتيعات" باسيل صارت مكلفة ومحرجة وتهدد التحالف الاستراتيجي مع المقاومة وحلفائها ويدخله في زواريب داخلية ضيقة. ورغم الاتصالات التي دارت بين حزب الله وباسيل للتبريد جراء الازمة الحكومية الاخيرة تشير الاوساط الى ان العلاقة بادرة وقد "تدفئها" المعايدات التي يقوم بها حزب الله عادة بزيارات الى التيار وعون وبعض الشخصيات الدينية المسيحية بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة في الاسبوع الاول من ​العام الجديد​.

وتضيف الاوساط ان رغم "تحييد" حزب الله لعون عن الاشتباك الاخير مع باسيل اسوة ببري و8 آذار، تؤكد ان الموقف الذي اطلقه عون في بكركي بعد قداس الميلاد قصد به حزب الله ولو لم يسمه كما قصد اللقاء التشاوري بدرجة اساسية وقد يكون البعض مقصوداً لرفض تبادل الحقائب مع باسيل ولكن القصد بدرجة اقل. وتلفت الاوساط الى ان من يخلق اعرافاً جديدة هو من يساير فريق على آخر ومن يرى الامور بأكثر من منظار وهو من ينتظر القوات خمسة اشهر ويعطيها من حصتها و"حبة مسك" ومن يساير الاشتراكي ويحل عقدة الدروز بعد 4 اشهر وبعد 45 يوماً يعطل صهره مبادرة حل العقدة السنية. فصحيح ان وفق الدستور ان المعني بالتشكيل هو رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وخصوصاً الثاني لكنهما ليسا وحدهما من يقرران عملياً عملية التشكيل والتي دخلت عليها اعراف وقواعد لبنانية وميثاقية. ففي لبنان لا يمكن فرض حكومة من لون واحد اي حكومة موالاة تحكم ومعارضة لا تشارك فيها وتعارض. كما لا يمكن عزل اي مكون طائفي او مذهبي وفق ما ينص عليه الدستور منعاً للطعن بالميثاقية كما لا يمكن تسمية وزراء واعطاء حقائب لاي فريق من دون الاخذ برأيه او بوجهة نظره فمنذ الطائف وحتى اليوم هل شكلت حكومة امر واقع واحدة؟ وهل سمى رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وزراء كل الكتل ووزعا الحقائب عليهما كما يشاءان؟ وهل هذا المطلوب من حزب االله و​حركة امل​ واللقاء التشاوري وكل فريق 8 آذار ان يقبلوا بما يعرض عليهم من دون ان يعترضوا او ان يبدووا رأيهم؟

وتقول الاوساط ان الفرض والاكراه في امر الحكومة او اي امر ميثاقي او سياسي اساسي لا يمكن ان يمر وهذا ما يسمى بخلق الاعراف الجديدة ومحاولة مصادرة السلطة التنفيذية لمصلحة فريق من دون آخر.

وتؤكد الاوساط ان ما يروجه ايضاً "في الكواليس" فريق الرئيس المكلف عن نيته الاعتذار ومعرفته ان لا بديل عنه وتاكده انه سيعاد تكليفه ولو بعدد اقل من الاصوات وبذلك يتحرر من الشروط والوعود التي اطلقها خلال المشاورات والتفاوض الحكومي، ويقبل التكليف وفق معايير جديدة، يوحي بخفة سياسية وبقراءة سطحية للواقع الحكومي وبتجاهل لنتائج ​الانتخابات النيابية​ فهذا الامر لو تم سيكون مغامرة غير محسوبة من الحريري وستنعكس عليه وعلى عون واعادة تكليف الحريري بهذه الشروط والمعطيات الحالية مرفوضة وغير مقبولة، لان فريق 8 آذار لن يقبل بدوره ان يكون له فقط 8 وزراء يمثلون 45 نائباً وان يبقى 40 في المئة من حلفائه غير ممثلين من المسيحيين والسنة والدروز والعلويين. فالقواعد الحكومية والمعايير كلها ستختلف وسيكون التعاطي كله مع عملية التأليف والمشاورات مختلفاً تماماً فما قُدم من تنازلات وهدايا مجانية للحلفاء وغير الحلفاء لتسهيل ولادة الحكومة في الفطر لم يعد صالحاً بعد 8 اشهر وبعد عيد رأس السنة المقبلة.