يوم أمس، قرر رئيس ​الحكومة​ السابق ​فؤاد السنيورة​ أن يقوم بمرافعة استباقيّة للدفاع عن نفسه في قضية الحسابات الماليّة، لا سيما بعد المعلومات التي كشف عنها عضو ​كتلة الوفاء للمقاومة​ النائب ​حسن فضل الله​، والتي باتت في عهدة المدعي العام المالي القاضي ​علي إبراهيم​.

بعيداً عن حق رئيس الحكومة السابق في الدفاع عن نفسه، طالما اعتبر نفسه معنياً في هذا الملف بالرغم من أن فضل الله لم يعمد إلى تسمية أيّ مسؤول حالي أو سابق، هناك مجموعة من الأسئلة التي تطرح نفسها بقوّة في الوقت الراهن، لا سيما حول مصير الدعوات إلى ​مكافحة الفساد​ التي تطلقها مختلف القوى السياسية، خصوصاً أن هذا الملفّ بالذات ليس بالجديد، بل يعود إلى ما يقارب 9 سنوات إلى الوراء، عندما أثير للمرة الأولى.

من وجهة مصادر سياسيّة متابعة، ما حصل خلال مؤتمر السنيورة، الذي كان قد ترافق مع حملة سياسيّة وإعلاميّة واسعة، قد يشكّل نموذجاً لكيفيّة التعاطي مع كل الملفّات التي من الممكن أن تفتح في المستقبل، لناحية الذهاب إلى توجيه الإتهامات التي لا علاقة لها بالملف المثار، أو لناحية توسيع الدائرة المستهدفة إلى الخط السياسي أو الطائفي، وتضيف: "في هذه الطريقة لن يتمكّن أحد من الوصول إلى نتيجة تذكر".

ما تقدم، بحسب ما تؤكد هذه المصادر لـ"النشرة"، لا يعني الحكم على رئيس الحكومة السابق بأنه مرتكب أو بريء، نظراً إلى أنّ هذا الأمر من المفترض أن يكون من صلاحيّة السلطة القضائيّة، لكن في المقابل المهمّ هو ترك ​القضاء​ يقوم بواجباته على هذا الصعيد، الأمر الذي يبدو مستحيلاً في الدولة ال​لبنان​يّة، نظراً إلى أن أحداً غير مؤمن بقدرة القضاء على القيام بهذه المهمّة، ما يعني أن كلّ ملف سيفتح سيكون مصيره الدخول في لعبة الصراع السيّاسي القائمة منذ العام 2005، والتي حكماً ستمنع محاسبة أيّ مرتكب، إلا إذا كان هناك رفع للغطاء من قبل الجهة التي ينتمي إليها أو التي كانت تحميه.

إنطلاقاً من ذلك، ترى المصادر نفسها أن معركة مكافحة الفساد لا يمكن الرهان على نجاحها، رغم كل العراضات الإعلاميّة حولها من قبل الأفرقاء السياسيين، نظراً إلى أن كل مسؤول في لبنان يملك الغطاء السياسي أو المذهبي الذي يحول دون محاسبته، خصوصاً أن هناك من بدأ يحول المسألة إلى تهديد للسلم الأهلي والإستقرار الوطني، وتشدّد على أنّ المطلوب هو الإتّفاق على أن يحول أيّ ملف يطرح إلى القضاء بعيداً عن السجالات السياسيّة أو المذهبيّة، على أن يكون له هو الكلمة الفصل.

على هذا الصعيد، تعتبر مصادر نيابيّة في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أن تحرك السنيورة ومن خلفه بعض الرموز في قوى الرابع عشر من آذار يمثّل إدانة قبل صدور أيّ حكم، رغم أنّها في الأصل تستبعد صدور أيّ حكم بسبب تركيبة النظام الطائفي التي تشدّد على أنه أساس كل المشاكل في لبنان.

وتشير المصادر نفسها إلى أنّ المستغرب هو حملة التجييش القائمة في الأوساط الشعبيّة، على أساس أنّ ما يحصل هو إستهداف للطائفة السنّية أو لرئيس الحكومة الراحل ​رفيق الحريري​، خصوصاً أن هناك من بات يروّج لإحتمال صدور بيان عن المرجعية الدينيّة المعنيّة، أيّ ​دار الفتوى​، يدعم رئيس الحكومة السابق بوصفه أحد ممثّلي الطائفة، وتضيف: "هناك من يسعى إلى القول أن الموضوع مذهبي بالدرجة الأولى، عبر التلميح إلى أن وزير الماليّة والجهة التي تثير الملف، بالإضافة إلى المدّعي العام المالي، ينتمون إلى الطائفة الشيعيّة".