شكّل قرار مدير عام ​وزارة العمل​ جورج ايدا بداية الشهر الجاري، بإعفاء ​العمال​ المصريين من تقديم إفادة خدمة من الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي مفاجأة، خصوصاً وأن هذا الصندوق لا يعيش "الترف" حتى يتخلّى عن جزء من مداخيله عبر إعفاء هؤلاء العمّال من دفع إشتراكات للضمان للحصول على إجازات العمل.

بناءً على هذا القرار، بات بإمكان العامل المصري الحصول على اجازة عمل من دون إبراز إفادة خدمة تشترط الإشتراك بالضمان. وبناء على هذا القرار سيخسر الصندوق نسبة الإشتراك التي تبلغ 3% من راتب كل عامل مصري.

يصعب في ​لبنان​ إيجاد أرقام دقيقة حول معظم القضايا. وفي ما يخص هذه القضية، لا أرقام رسميّة حول عدد العاملين المصريين المسجّلين قانونياً في لبنان، إلا أنه يقدّر بـ22 ألف عامل. وعلى الجهّة المقابلة، يقدّر عدد اللبنانيين في مصر بـ20 ألف أغلبهم من ​رجال الأعمال​ وعائلاتهم. وبناء على هذه الأرقام، واذا اعتبرنا أن كل عامل مصري عليه دفع رسم اشتراك في الضمان يقدّر بـ100 دولار سنويا، فإن صندوق الضمان سيخسر ما يُقارب المليونين و200 ألف دولار كل عام.

مصادر وزارة العمل برّرت عبر "​النشرة​" قرار المدير العام بأنّ القانون صدر عام 2009 عندما كان ​محمد فنيش​ وزيراً للعمل، لافتة إلى أن "هذا القرار هدفه تعزيز العلاقات بين لبنان ومصر وتسهيل عمل العمّال في البلدين". ورغم إقرار هذه المصادر بأن لا اتفاقية تعامل بالمثل موجودة بين لبنان ومصر(1)، إلا أنها أكدت ضرورة المضي في هذا القرار لتحسين وضع اللبنانيين هناك.

حتى اليوم، لم يتمّ ابرام أيّ اتفاق بين مصر ولبنان حول مبدأ التعامل بالمثل بين البلدين، والبلدان التي ابرمت هذا الاتفاق هي: ​فرنسا​، ​بلجيكا​، ​إيطاليا​ و​بريطانيا​. كما أنّ أيّ قرار متعلّق بهذه الاتفاقيات، يصدر عن ​الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي​ بعد استشارة وزارة الخارجيّة والمغتربين.

من هنا، استغربت مصادر في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي قرار وزارة العمل، مشدّدة على انّ الصندوق رافض لهذا القرار، لأنه "يخالف القوانين اللبنانية، وخصوصاً مبدأ المعاملة بالمثل، إذ ان مصر لم توقّع حتى اليوم على قرار منح لبنانيين إمتيازاً بين ​العمال الأجانب​ والمتعلّق تحديداً بإعفائهم من دفع اشتراكات الضمان الإجتماعي".أ

كما رأت المصادر أن "الصندوق لا يعيش أفضل حالاته بل مشاكله تكفيه، وبالتالي كيف يمكن لأيّ جهة رسميّة أن توقف ضخ مبالغ كبيرة إلى داخل الضمان لأسباب غير معروفة"، متسائلة "هل المطلوب ضرب الضمان وإيصاله إلى حدّ الإفلاس التام"؟.

كما ترى المصادر أن في قرار المدير العام ضربة قاسية للعامل اللبناني، فاليوم بات بإمكان أصحاب العمل الهروب من الضمان عبر توظيف العامل المصري، والابتعاد عن توظيف اللبناني الذي يعاني أصلا من صعوبة إيجاد عمل في بلده، خصوصا بعد سيطرة السوريين اولا على الوظائف، واليوم الشباب من التابعيّة المصريّة الذين لا شك سيكون لهم أفضليّة الحصول على العمل.

مصري يهدّد موظفي الضمان!

في السياق عينه، حصلت "النشرة" على تسجيل صوتي لاحد العاملين في السفارة المصريّة هلّل فيه لقرار مدير عام وزارة العمل، وأوضح أن كلّ موظف في الضمان لا يخضع لهذا القرار سيُحاسب، كما طمأن هذا الشخص جميع العمال المصريين في لبنان أنه يتواصل بشكل دائم مع المدير العام الذي طمأنه بأن هذا القرار سينفّذ قريباً، وان وزير العمل قد يوقّع استثناءات للعمّال المصريين في حال لم يوافق صندوق الضمان على قرار المدير العام.

إذا، موضوع قرار وزارة العمل فتح الباب لتساؤلات مشروعة حول الهدف والدوافع له، لانّ التبريرات التي قُدمت من المعنيين حتى الآن لا تكاد تصلح لتكون قصة اطفال تسبق نومهم.

(1) استناداً الى احكام المادة التاسعة-الفقرة ثالثاً من قانون ​الضمان الاجتماعي​ ، يخضع الأجير الأجنبي العامل على الأراضي اللبناينة بموجب عقد أبرم في لبنان مع مؤسسة وطنية أو أجنبية لجميع الموجبات المنصوص عليها في ​قانون الضمان​ الاجتماعي فيما خص جميع الفروع المطبقة باستثناء فروع تعويض نهاية الخدمة الذي لا يخضع الأجير الأجنبي للموجبات المتعلقة به الا اذا كان يحق له الاستفادة من تقديماته ، أي عندما تكون الدولة التي ينتمي اليها تقر للبنانيين مبدأ المساوهة في المعاملة مع رعاياها فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي ، وأن يكون حائزاً على اجازة عمل وفق القوانين والانظمة المرعية.