لفت المفتي الجعفري الممتاز ​الشيخ أحمد قبلان​ في خطبة الجمعة إلى أنه "في ظل هذا الضجيج والضوضاء حول ​الفساد​ وأهله، يبقى ال​لبنان​يون غير مقتنعين بما يجري، فالإشارات ومحاولات اللفلفة وتدوير زوايا التعمية على المفسدين توحي بأن باب التسويات مفتوح، وإمكانية إقفال الملفات قائمة، بحجة أن الإصرار على المحاسبة قد يأخذ البلد إلى صراعات طائفية ومذهبية نحن بغنى عنها. حيال هذا الواقع المؤسف"، محذرا من "لعبة تطييف الفساد ووضعه في خانة الاستهدافات المذهبية والطائفية، لأن في ذلك إسقاطاً لما تبقى من الدولة ومؤسساتها، ودخولاً في متاهات لا أحد يعلم مداها، والتفافاً على كل عناوين الإصلاح ومحاولة بناء الدولة".

وأكّد أن "الدولة لا تبنى بالتسويات المشبوهة، ولا بتبادل الصفقات، وتوزيع الحصص، بل بتطبيق القانون، وتجاوز كل الاعتبارات والحسابات الدينية والانتماءات السياسية، التي ينبغي أن تكون بعناوينها ومضامينها مسخّرة لخدمة الناس وليس لخدمة الأشخاص والفئات، ما يعني أننا كلنا مسؤولون ومدعوون إلى خلع ثوب التكاذب والنفاق السياسي، والدخول في ورشة قيام الدولة الفعلية، التي تحاسب وتحاكم".

ورأى "أننا أمام مفترقات صعبة وخطيرة، فالكرة في ملعب كل القيادات، وعليهم أن يكونوا رجال دولة بكل معنى الكلمة، يلتزمون ب​الدستور​، ويطبقون القانون على أنفسهم قبل غيرهم، متنازلين عن ثرواتهم ومكتسباتهم غير المشروعة، واضعين كل إمكانياتهم بتصرف دولة المؤسسات و​الكفاءات​ والأكفّ النظيفة، لا دولة المحسوبيات، فالمخاطر حقيقية، والإبقاء على ​سياسة​ المزارع والعابثين والسارقين للأموال والأحلام يعني على لبنان واللبنانيين العفى والسلام".

ودعا "كل القيادات لاتخاذ القرار السياسي الذي يعبّد طريق الإصلاح الحقيقي مهما كان مؤلماً، والأوان آن كي نختار، إما أن يكون بلد له سيادته واستقلاله ودولة لها مؤسساتها وإداراتها وكفاءاتها، أو لا يكون بلد، فالأزمات متجذّرة والخيارات واضحة، ولم يعد مقبولاً من أحد أن يستمر في لعبة المصالح الخاصة، وإمرار جداول الإعفاءات لصالح الشركات وحيتان المال، الذين استنزفوا مالية البلد واقتصاده، وأثقلوه مشاكل، بدءًا من اللجوء ومروراً ب​النزوح​ وما تداعى عنه من مخاطر على كل المستويات، الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، وما نحن فيه من مصائب، ونتعرض له من ضغوطات وتهويلات وتهديدات أمريكية وصهيونية ليس مزحة، إنما هو أمر واقع ومعاش وخطير، والرد عليه لا يكون بالسجالات ولا بالعنتريات ولا بالتنظيرات والفوضويات، بل بالتنظيم والرؤى السياسية والاقتصادية الشفافة والمجدية، وبالتضامن الوطني الذي يحمينا، ويحصّن بلدنا، ويوصلنا إلى بر الأمان".