بين الحديث عن ​التصحّر​ وارتفاع معدل ​درجات الحرارة​ في ​العالم​، والحديث عن دخول النصف الشمالي للكرة الأرضيّة بعصر نصف جليدي، في العام 2020، يصبح من المستحيل الوصول الى نتيجة اكيدة. ولكن المؤكّد أن لكل عام معدلاته من ​المياه​ والحرارة التي لا تنحو باتجاه واحد مع تقدم السنوات.

عام 2011 توقع باحثون في جامعة "ستانفورد" الأميركية، "أن ترتفع بسرعة حرارة مناطق كبيرة من العالم، على أن تصبح المناطق التي تشهد الصيف الأبرد، خلال منتصف القرن الحالي، أكثر حرارة من المناطق التي كانت أكثر احترارا خلال السنوات الخمسين الماضية".

في 15 آذار عام 2011، أطلقت ​وزارة البيئة​ "​تقرير​ ​لبنان​ الوطني الثاني" حول اتفاقية ​الأمم المتحدة​ الإطارية بشأن تغيّر المناخ، وورد فيه أن معدّل درجات الحرارة سيرتفع بحلول سنة 2040 بين درجة واحدة على الشاطئ و2 في الداخل، وبين 3.5 على الشاطئ و5 في الداخل بحلول سنة 2090، وان المتساقطات ستنخفض بين 10 و20 بالمئة بحلول سنة 2040، و25 و45 بالمئة بحلول سنة 2090، متوقعاً أيضاً أن يزداد عدد أيام الصيف الحارة والليالي الحارة شهرين على الأقل، وأن يرتفع سطح البحر تدريجاً بمعدل 20 ملم في سنة، ممّا يعني أنّ منسوب المياه قد يرتفع بين 30 و60 سنتم في الثلاثين سنة المقبلة.

إن هذا التقرير لا يبدو دقيقا حتى اليوم، فبعد مرور 8 سنوات على صدوره لم تتبدّل معدّلات درجات الحرارة في لبنان، فلكل عام معدله الذي لا تزال الحرارة تدور حوله. إنّ أكثر الشهور دفئاً خلال العام هو تموز مع متوسط درجة حرارة يبلغ 32.9 درجة مئوية، وكانون الثاني لديه أدنى متوسط درجة حرارة خلال العام تصل الى حدود 7.4 درجة مئوية، وفي هذا العام وبحسب رئيس دائرة التقديرات في ​مصلحة الأرصاد الجوية​ في ​مطار بيروت الدولي​ ​عبد الرحمن زواوي​، فإن درجات الحرارة في كل الأشهر السابقة كانت أقلّ من المعدّل العام، وهذا ما ينفي أيّ كلام عن الاتجاه التصاعدي لدرجات الحرارة في لبنان.

ويضيف زواوي في حديث لـ"النشرة": "كما في كل عام نقول ان الحديث عن تبدل مناخي أو تصحر لا يتجاوز كونه توقعات غير مبنيّة على وقائع، فعندما كانوا يقولون أن معدلات ​الأمطار​ في لبنان ستنخفض، أظهرنا لهم المعدّلات على مدى السنوات الخمسين السابقة، التي تؤكد بوضوح ان المعدّلات ترتفع حينا وتنخفض أحيانا دون أن يكون لها أي نسق موحّد"، مشيرا الى أن الشتاء الأخير الذي شهده لبنان بيّن أن كل الكلام عن التبدل المناخي غير صحيح، وقد سجّلنا معدلات قياسيّة لتساقط الأمطار، كما الحرارة التي كانت دائما أقل من معدّلاتها الموسميّة.

في شهر آذار يبلغ متوسط درجة الحرارة في لبنان 12.7 درجة مئوية، وفي العام 2019 سجل آذار معدل حرارة أقل من 12، بينما سجلت معدلات حرارة في شهر شباط الماضي حوالي 9 درجات مئوية، بينما متوسط المعدل العام هو 9.4. كثيرة هي الأمثلة التي تُقدم لدحض نظريات التبدل المناخي في لبنان، مع العلم أن أي تبدّل بالمناخ يجب أن يُقاس على مدى 10 الى 15 عاما، لا في عام أو اثنين، اذ أن الدراسات والمعطيات الحالية تشير الى أن لبنان سيتأثر بدخول النصف الشمالي من ​الكرة الأرضية​ بعصر نصف جليدي، الأمر الذي سيخفّض معدلات الحرارة فيه بنحو درجة الى درجة ونصف.

لا شكّ أن المناخ يتغيّر، ولكن لا داعي للتهويل على اللبنانيين بأنهم متجهون نحو الجفاف، خصوصا وأن طبيعة لبنان بشكل عام تشكل عامل جذب للأمطار.