أحيت ​الطوائف​ المسيحية التي تتبع التقويم الغربي في منطقة البترون، ​رتبة سجدة الصليب​ في يوم ​الجمعة العظيمة​، وعمت الزياحات الكنائس والصروح الدينية، وترأس راعي ابرشية البترون المارونية ​المطران منير خيرالله​ رتبة سجدة الصليب في ​كاتدرائية مار اسطفان​ في ​مدينة البترون​، عاونه فيها كاهنا الرعية الخوري ​بيار صعب​ والخوري فرنسوا حرب والواعظ في ​الرياضة​ الروحية الاب رالف جرمانوس من رهبانية الآباء اللعازاريين ولفيف من الكهنة، في حضور حشد من أبناء المدينة والبلدات المجاورة.

بعد الرتبة، ألقى جرمانوس عظة أكد فيها "أننا مدعوون لنتأمل بالموت الذي هو جزء من حياتنا، لكننا مدعوون لنتأمل بجدية في هذا الواقع الذي استطاع ان يطال ابن الله، شوكة تنخر في خاصرة ​الانسان​ية ليعطي يسوع بعلاقته مع الابن معنى جديدا لحياتنا. ف​يسوع المصلوب​ على الصليب ينادي "الهي الهي لماذا تركتني"، فنحن اكثر الاحيان نعمل على تجميل هذه الحقيقة وهذا الواقع لاننا نهرب من اللحظات التي نشعر خلالها بأننا متروكون".

وشدد على أن "اللحظات التي نشعر فيها بأننا متروكون هي براعم خبرة الموت بصميم حياتنا. حياتنا تتأرجح بين أماكن نشعر في خلالها اننا متروكون واذا وجدنا انفسنا من خلال الآخر نجد انفسنا وكأن هذه ​الحياة​ لها معنى فقط في اللحظات التي يستطيع ان يجدنا احد. فحياتنا هي محاولة لننتصر على ذلك. فالاله اليوم على الصليب يحمل كل هذه الانسانية على اكتافه لدرجة ان صرختنا امام مشاكل الحياة وامام وحدتنا وظلامات حياتنا التي نقول فيها الهي لماذا تركتني، هذا الشعور هو ان الله ليس بعيدا من اوجاعنا فيسوع حملها على اكتافه ووجعنا هو وجعه وآلامنا هي آلامه، وهو آت على حقيقة ليقول لنا انه امام التخلي نبحث عن امور تجعلنا نجذب الآخر وبأوقات كثيرة إحساسنا باننا متروكون يؤدي بنا الى الدخول في الخطيئة".

ولفت إلى أنه "لننظر في باطن وحدتنا، لماذا نلجأ الى الزنى؟ هروبا من اللحظات التي نشعر خلالها اننا في وحدة. ونلجأ الى السرقة والنكران حتى لا نشعر اننا وحيدون، فالانسان من خلال خطيئته يحاول ان ينتصر على اللحظات التي يشعر في خلالها انه متروك. فلننظر اليوم امام وحدتنا، خطايانا، ضعفنا وموتنا ماذا يفعلون اوثان هذه الدنيا، فنحن واقفون امام صليب يسوع، ينظر الينا ويقول: "أمام هذه اللحظة التي حملتها عمدا ونحن مدعوون لا لأن نبكي عليه، انما يجب ان نبكي على خطايانا. فخطايانا وموتنا اليوم سقطوا امام يسوع وانكشفت كل الحقائق. يسوع اليوم يدخل الى اعماق هذه الانسانية التي تصرخ كلها وبصوته "الهي، الهي لماذا تركتني؟" يسوع اليوم يتطلع الى اوجاعنا وموتنا وبالاماكن التي نحن متروكون فيها ويقول "بين يديك استودع روحي". فهو يدعونا الى عدم الخوف ويقول لنا: "لا تخافوا ان تدخلوا في هذه الثقة وان هذه الصرخة هي صرخة حقيقية لها الكلمة الاخيرة على حياتنا".

وأوضح "يا إخوتي نقف امام هذه الحقيقة ونشعر بأن خطايانا هي حاجز أمام فردوس الحب، فكلمة يسوع ترن "اغفر لهم يا ابتاه لانهم لا يعرفون ماذا يفعلون". فموت يسوع اليوم هو بداية انتصار، موته هو بداية انتصار على لحظات التخلي التي نعيشها، موته هو الدخول في احضان الآب، فيقول لنا لا يوجد حدث في هذه الدنيا يستطيع ان يكون اكبر من مشروع حبه لنا".

بعد الرتبة اقيم زياح الصليب ومنح المؤمنون بركة الصليب.