تأكيدا لما تفردت "النشرة" بالكشف عنه في مقال نشرته يوم الاثنين في 6 أيار الجاري، تحت عنوان"هل نجحت ​القوى الفلسطينية​ بتجاوز خلافاتها لبدء حوار مع الجانب اللبناني"، علمت "النشرة"، ان لقاء لبنانيا فلسطينيا سيعقد اليوم (الخميس 23 أيار 2019)، في السراي الحكومي، بين رئيس "لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني" الوزير السابق ​حسن منيمنة​ و"اللجنة الفلسطينية" المشتركة التي جرى تشكيلها بين فصائل "​منظمة التحرير الفلسطينية​" و"تحالف القوى الفلسطيني" برئاسة أمين سر حركة "فتح" وفصائل "المنظمة" في لبنان فتحي ابو العردات، بهدف بدء حوار مشترك يصل في ختامه الى نقاط تلاقٍ يمكن تقديمها على شكل توصيات إلى الحكومة والمجلس النيابي كمقترحات قرارات وقوانين، يتم إقرارها ومنح ​اللاجئين الفلسطينيين​ الحقوق الإنسانية والإجتماعية، ليعيشوا بكرامة حتى يعودوا إلى أرضهم.

وقد جاء توقيت اللقاء في السراي الحكومي، بعد سلسلة من الاتصالات اللبنانية–الفلسطينية، لاعداد ملفّات البحث، وصولا للاتفاق على مذكّرة فلسطينيّة موحّدة بالمطالب المقترحة تطبع في "كتيّب"، وتحاكي في الوقت ذاته "الرؤية اللبنانيّة الموحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان"، التي اتفقت عليها القوى والاحزاب السياسيّة اللبنانيّة، والتي اعلنت من السراي الحكومي (20 تموز2017) برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري.

كما جاء تزامنا مع ثلاثة تطورات، الاول: المخاوف الفلسطينية واللبنانية من تداعيات "​صفقة القرن​" التي وضع مستشار ​البيت الأبيض​ وصهر الرئيس الأميركي ​جاريد كوشنر​، ومبعوث أميركا للشرق الأوسط جاسون غرينبيلت، عناوينها العامة والتي تعتزم الادارة الاميركية الاعلان عن مرحلتها الاولى خلال مؤتمر اقتصادي لجذب الاستثمارات إلى الضفة الغربية وغزّة والمنطقة في المنامة (البحرين) يومي 25 و26 حزيران المقبل، حيث سيلتقي عدد من السياسيين ووزراء المالية بمجموعة من الاقتصاديين البارزين في المنطقة، والتي لن يكون لبنان بمنأى عن نتائجها لجهة شطب حق العودة وفرض توطين اللاجئين.

والثانية: في أعقاب الاتفاق اللبناني الفلسطيني بين قيادة الجيش اللبناني وكل من حركتي "فتح" و"حماس" وانصار الله" على انهاء المظاهر المسلحة في مخيم الميّة وميّة بكافة أشكاله، بعد الاشتباكات الدامية التي حصلت بين حركتي "فتح" و"أنصار الله"، في 25 تشرين الأول 2018، وحصدت 4 قتلى ونحو 30 جريحا، فضلا عن اضرار ماديّة في الممتلكات وأرخت بتداعياتها السلبية على بلدة ​المية ومية​ اللبنانية ذات الخصوصية المسيحيّة، تمهيدا لايجاد "تسوية مقبولة" حول أملاك اللبنانيين في نطاق المخيم واعادتها الى أصحابها من سكّان البلدة، الذين جدّدوا مطالبتهم باستعادتها قبل فترة، ويعتبر اللقاء رسالة لبنانيّة ايجابيّة للرد على "حسن النية" و"البادرة الفلسطينية" في المخيّم، وان الاهتمام اللبناني سينتقل الى الشأن الانساني والخدماتي والمدني ولن يبقى محصورا بالشقّ الامني فقط.

والثالثة: نجاح القوى الفلسطينيّة وبعد جهود حثيثة في تجاوز خلافاتها الداخلية في تشكيل هذه "اللجنة المشتركة" السباعيّة بالرغم من تجميد "العمل بالأطر المشتركة" في لبنان نتيجة الخلافات السياسية بين حركتي "فتح" و"حماس"، منذ أشهر عديدة رغم كل محاولات رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة حركة "أمل" رأب الصدع وتقريب وجهات النظر للحفاظ على استثنائية الساحة الفلسطينية في لبنان، وبعد أخذ ورد حول عددها، اذ طالب "التحالف" ان تكون مناصفة، ثلاثة أعضاء لكل اطار، غير أن "المنظمة" أصرت على تولي "أبو العردات" الرئاسة ثم المناصفة الثلاثية، فاتفق على ذلك، علما أن حركة "حماس" احد اعضاء "اللجنة الشتركة".

وأبلغت مصادر فلسطينيّة لـ"النشرة"، ان اجتماعين عقدا في مقر سفارة دولة فلسطين في بيروت، اتفقت فيه "اللجنة المشتركة" على اعداد مذكرة من كل اطار ثم دمجهما بمذكّرة موحّدة، قبل تقديمها الى منيمنة حول مطالب اللاجئين في لبنان، على قاعدة العيش بكرامة وحرية وان منح الشعب الفلسطيني جانبا من حقوقه ومنها حق التملك والعمل، لا يعني ​التوطين​، بل يساهم في تعزيز صموده في المخيمات للتمسك بحقّ العودة والدفاع عنه، وذلك لمواجهة مؤامرة التوطين أو التهجير عبر دفع الشعب الفلسطيني الى اليأس والاحباط للقبول بأي حلول استسلامية او سعيا وراء اللجوء والتفريط بحق العودة.

وتعليقا على بدء الحوار، ثمّنت قيادة "تحالف القوى الفلسطيني" في لبنان، الجهود المبذولة لبنانيًا وفلسطينيًا للعمل على اقرار الحقوق الانسانية والاجتماعية لأبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان، بين يدي ​الحوار اللبناني الفلسطيني​ المزمع بدئه قريباً، داعين أن يثمر هذا الحوار نتائج إيجابية على شكل توصيات تقدم إلى الحكومة والمجلس النيابي كمقترحات قرارات وقوانين، يتم إقرارها ومنح اللاجئين الفلسطينيين الحقوق الإنسانية والإجتماعية، ليعيشوا بكرامة حتى يعودوا إلى أرضهم التي لا يقبلون سواها ويرفضون كل مشاريع التهجير والتوطين.

بالمقابل، شدد عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الديمقراطية" ومسؤولها في لبنان علي فيصل، على أهمية الحوار اللبناني-الفلسطيني لتوحيد الموقف في مواجهة تداعيات صفقة القرن، قائلا "ليس سرا القول ان المشروع الامبركي-الاسرائيلي "صفقة القرن"، يستهدف الفلسطينيين والعرب في آن، وان هذه الصفقة التي لم يعلن عنها حتى الآن نتيجة المعضلات والعراقيل التي تواجهها ليست قدرا، ويمكن مواجهتها بل وافشال اهم حلقاتها المتمثلة بقضية اللاجئين.

وحذر فيصل عبر "النشرة"، من انعكاس المشروع الاميركي على لبنان، قائلا "من الطبيعي القول أن أكثر المتضررين من هذه الصفقة بعد الشعب الفلسطيني هم الدول العربية التي تستضيف لاجئين فلسطينيين، ومنها لبنان، وليست لدينا معطيات اذا ما كان يتعرض لضغوط اميركية بهذا الشأن ام لا، لكن الصحيح هو ان هذه الصفقة لا يمكن ان تمرّ، اقله في حلقتها العربيّة واللبنانيّة في حال تمكنا كفلسطينيين وعربا من وضع استراتيجيّة مواجهة موحدة دون المسّ بحقوق وواجبات ايّ طرف تجاه الآخر.

وأوضح فيصل ان التجربة النضالية برهنت على اكثر من مستوى، ان بالامكان الحد من التداعيات السلبية للاجراءات الاميركية سواء على مستوى اللاجئين او على مستوى الدولة المضيفة لبنان وذلك عبر سياسات مشتركة لبنانية وعربية وفلسطينية. ونحن اذ نعتقد ان قنوات الحوار لم تنقطع يوما بين الشعب الفلسطيني والدولة اللبنانية، الا ان الحوار المطلوب اليوم يجب ان يتجاوز الصيغ السابقة وان يكون على جدول اعمال هذا الحوار وضع الآليات المباشرة الكفيلة بدرء اية مخاطر على مصالح الشعبين، وهذا لن يتحقق الا في اطار خطة عمل مشتركة تتناول كل جوانب الملف الفلسطيني الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والامنية، بما يقود الى اقرار الحقوق الانسانية التي يشكل اقرارها مبعث ثقة للشعب الفلسطيني بجدية الطرف اللبناني، وهذا ما يساهم ايضا في تحصين الحالة الفلسطينية في لبنان القادرة على افشال حلقات الحل الامريكي، اقله في الجانب المتعلق باللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ما يتطلب دعم الشعب الفلسطيني اقتصاديا واجتماعيا لمواجهة مشاريع التهجير التي تستهدف المخيمات.

وختم لنا ملء الثقة بالقيادات اللبنانية على مستوى رئيس المجمهورية ورئيسي البرلمان والحكومة وجميع الكتل النيابية والاحزاب والنقابات والهيئات الروحية وتجاوبها مع مطالبنا المحقة التي هي ليست مطالب انسانية فقط بل وتتعلق بمواجهة مشتركة يجب ان يتوفر كل عوامل النجاح.

رؤية لبنانية موحدة

يذكر ان "الرؤية اللبنانيّة الموحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان"، أطلقتها "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" باحتفال أقيم في السراي الحكومي (20 تموز2017)، برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري، وبمشاركة مختلف القوى السياسية اللبنانية والفلسطينية وذلك ترجمة لوثيقة سياسية أعدتها "مجموعة العمل اللبنانيّة حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان"، والّتي تضم ممثلين عن مختلف الكتل النيابيّة في مجلس النواب اللبناني بالتنسيق والتعاون مع "اللجنة" حول القضايا التي تتعلق باللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وعقدت "مجموعة العمل" أكثر من 50 اجتماعا منتظما شهدت حوارا معمقا وصريحا حول الجوانب المعقّدة من هذا الملف للتوصل إلى صياغة نص شامل بهدف تزويد الدولة اللبنانيّة ومؤسساتها بتوجيهات وطنيّة ثابتة ومستمرة حيال اللاجئين وقضيتهم.

لجنة الحوار

بينما تأسست "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" برئاسة السفير خليل مكاوي (13 تشرين الاول 2005)، بموجب القرار رقم 89/2005 الصادر عن مجلس الوزراء برئاسة فؤاد السنيورة وحدّد مهمتها، اولا: معالجة المسائل الحياتية والإجتماعية والإقتصادية والقانونية والأمنية داخل المخيمات وللفلسطينيين المقيمين في لبنان بالتعاون مع وكالة "الاونروا"، ثانيا: وضع آلية لإنهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، ثالثا: إطلاق الحوار حول معالجة قضيّة السلاح داخل المخيمات لجهة تنظيمه وضبطه، رابعا: درس إمكانية إقامة علاقات تمثيلية بين لبنان وفلسطين.