اتسعت دائرة السجال الذي احتدم مؤخّرًا بين "​القوات اللبنانية​" ووزير المهجرين ​غسان عطالله​ على خلفيّة اقرار ​مجلس الوزراء​ في موازنته للعام 2019 مبلغ 40 مليار ليرة لبنانية لوزارة المهجرين. فبعد أن كان ينحصر الى حدّ كبير بعطالله ووزير الشؤون الاجتماعية ​ريشار قيومجيان​ اضافة لرئيس جهاز الاعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور، دخل على الخط كل من وزير شؤون النازحين صالح الغريب اضافة للوزير السابق وئام وهاب، ما استدعى، بحسب المعلومات، تحريك المساعي لاحتواء السجال، بعد أن ترك تداعيات كبيرة على الجمهورين العوني والقواتي على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولعلّ ما سمح باستمرار السجال أسبوعا كاملا قبل احتوائه، هو انقطاع التواصل بشكل شبه كلي بين قيادتي "القوات" و"الوطني الحر" ووصول العلاقة بينهما الى مستويات غير مسبوقة منذ المصالحة الشهيرة في العام 2016.

واذا كان الخلاف هذه المرة على خلفية تقنية (كما يؤكد القواتيون) قبل أن يتحول الى تراشق حزبي وفتح لدفاتر الماضي، فان ما حصل ليست حادثة يتيمة، وبات يتكرر بشكل مستمر في الآونة الأخيرة. وليس السجال الذي نشأ على خلفية موقف أطلقه رئيس "التيار" جبران باسيل من الكورة بخصوص الميليشيات، وأدى كذلك لتقليب أوراق الماضي، الا عينة صغيرة عن أحوال العلاقة بين الحزبين حيث يفترض أنهما فتحا صفحة جديدة من التعاون والتنسيق، فاذا بهما يعودان للافتراق لحدّ العداء عند كل ملف ومفترق.

وتردّ مصادر متابعة ما يحصل في هذا المجال الى انطلاق الكباش على معركة الرئاسة المقبلة باكرا، فكل طرف يعي ان الاستعداد لهذه المعركة يبدأ عادة قبل أشهر او سنوات قليلة، فكيف اذا كان من المرجّح بحماوة انتخابات عام 2022! وتضيف المصادر: "كان الجميع يتوقعون ان ينفرط عقد التفاهم القواتي–العوني في مرحلة من المراحل قبل موعد الانتخابات الرئاسية، لكن احدا لم يتوقع أن ينفرط باكرا جدا".

وفيما تُحمّل مصادر "القوات" الوزير باسيل شخصيا مسؤولية ما آلت اليه الامور بين الحزبين محيّدة تماما ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ عما يحصل، تردّ مصادر "التيار" متهمة وزراء "القوات" بممارسة "الحرتقة" المستمرة لأهداف باتت معلومة ومكشوفة، لافتة الى ان الأمر بدأ مع ​خطة الكهرباء​، وهو مستمر منذ حينها بمحاولة لافشال كل خطط وزراء "الوطني الحر" وآخرهم الوزير عطالله. وتعتبر مصادر "التيار" أنه وبخلاف من يعتقد ان ما يحصل يندرج باطار المنافسة السياسيّة الديمقراطية، "فقد وصل السجال في كثير من الاوقات الى مستويات غير مقبولة بما يهدد بالعودة الى اللغة التي كانت معتمدة قبل العام 2016، وهو ما نرفضه بالمطلق".

أما القواتيون فيحمّلون العونيين مسؤولية العودة الى "لغة الماضي" ويعتبرون انه "عند كل تصويب على خلل أو خطأ ما في آداء وزراء "التيار" بمحاولة لتصحيحه وتحقيق المنفعة العامة، يخرج وزراء ونواب وجمهور "الوطني الحر" لاستحضار دفاتر الماضي ويمكن لاي مشكك متابعة مثلا آخر سجال بين الطرفين".

فهل سقطت الهدنة بين قيادتي الحزبين وباتت المعركة مكشوفة ومفتوحة؟ أم انهما ستسعيان قريبا لاستيعاب التطورات الاخيرة وسحب المحازبين الى خطوط خلفية؟.