لبنان وطنٌ يُحيِّر... الذين تابعوا التطورات السياسية والمواقف في عطلة نهاية الأسبوع، شعروا بأن زلزالًا سياسيًا يضرب البلد وأن من المستحسن ملازمة المنازل "لئلا تتطوَّر الأمور".

لكن مع ذلك، مَن "خالفوا النصائح وخاطروا بالخروج من المنازل" سواء إلى المطاعم أو إلى المقاهي أو إلى المسابح أو إلى الجبل، شعروا ان "الدنيا بمَيْل و​السياسة​ بمَيْل"، حتى أن كثيرين منهم لم يكونوا يعرفون ما يجري من سجالات و"كلام فوق السطوح" و"هاجمني حتى هاجمَك".

***

على سبيل المثال لا الحصر، لم يكن هناك كرسي شاغر في مطعم أو مقهى، دخان النرجيلة يعبق في الجو، حتى مع بند الضريبة ألف ليرة على كل نفس نرجيلة، الذي لم يدخل حيز التنفيذ بعد.

هذا وطنٌ يُحيِّر:

إما ان السياسة في واد والناس في واد.

وإما ان الناس ملُّوا وعود السياسيين.

وإما ان الحملات السياسية ليست سوى "عدة الشغل" من أجل إبقاء المناصرين في حال من "الحماوة".

***

أحد المخضرمين الساخرين اختصر الوضع بالقول: ما يجمع اللبنانيين هذه الأيام هو "نفس النرجيلة والإختناق من نفس النفايات"!

قد يكون هذا الإنطباع جارحًا لكنه حقيقي، فمعظم المسؤولين لم يتركوا للبنانيين ما يدعو إلى التفاؤل: فمماحكاتهم تبدأ ولا تنتهي، يتلهون بأمور كثيرة ويُلهون الرأي العام بأمور أكثر، ولكن ما النتيجة؟ المزيد من التراشق لكنه تراشق من دون طائل، وملف ​الموازنة​ أكبر برهان:

لقد عقدت ​الحكومة​ عشرين جلسة إلى ان توصلت إلى إقرار الموازنة واحالتها إلى ​مجلس النواب​ الذي باشر بدرس أرقامها تمهيدًا للمصادقة عليها وإصدارها بقانون، ولكن على رغم الجلسات العشرين فإن لا تغيير يُذكَر في الأرقام التي وُضِعَت في الأصل، وربما هذا ما أثار مخاوف وكالات الإئتمان الدولية وفي مقدمها "ستاندارد اند بورز" ووكالة "فيتش"، ولكن "على مَن تقرئين تقاريرِك يا وكالات"؟

***

أكثر من ذلك فإن تبادل الحملات السياسية من شأنه ان يضرب صورة لبنان عشية تزامن عطلة ​عيد الفطر​ السعيد مع قرب بدء موسم الصيف خصوصًا مع بدء الاستعدادات اللبنانية اللوجستية ولا سيما في ​مطار بيروت​ حيث أُنجزت المرحلة الأولى من توسعة قاعة المغادرين. فبهذه الأجواء يمكن استقبال اللبنانيين الذين قرروا تمضية عطلة الصيف في الربوع اللبنانية؟

بربِّكم، إرحموا البلد قليلًا... البلد لم يعد يحتمل... الناس تعبوا... ماذا تريدون منهم أكثر؟ هل تريدون لهذا الوطن ان يبقى ويستمر؟ أم ستتحوَّلون إلى مكتب سفريات أو مكتب هجرة؟