لفت رئيس المجلس الإقتصادي الإجتماعي ​شارل عربيد​ خلال افتتاح ​مؤتمر​ "​محاربة الفساد​ ونزاهة الاعمال" إلى أنه "للفساد أثر السم في الجسد، ينتشر في الخفاء حتى يستحيل فتاكاً مدمرا"، مشيراً إلى أنه "في بلدنا ليس خافياً على أحدٍ أن شبكات الفساد موجودة ونشطة، وقد تكون العامل الأكثر فتكاً بقدرتنا على ​الحياة​".

وأشار إلى أن "شبكات الفساد المنتشرة وصلت إلى درجة من المكر لتتحدث بنفسها عن ​مكافحة الفساد​ وتخرج إلى الناس بلبوس النزاهة، حتى أنها تطرح أمامهم نظرياتٍ عن مساوىء الفساد وتشرح لهم كيف أنه يصيب حياتهم وكيف عليهم أن يواجهوه"، لافتاً إلى أن "الفساد بصورته المدمرة يمتد إلى هرميات السلطة وحواشيها والمنتفعين منها".

وأكد أن "الفساد الإداري مرفوض، وهو مؤذٍ ومهين للدولة والمواطن، لكنه أبسط أنواع الفساد الذي ساد، بينما النوع الأكثر فتكاً هو الفساد السياسي المدمر للدول، والذي يطال بنية ​الدولة​ ويحرّف آليات عملها"، مشيراً إلى ان "الحقيقة أن الفساد أصبح له في بلادنا أنظمة وآليات وطرق عسكرية للمناقصات. ثنائياتٌ سياسية-اقتصادية، إن قلتَ زيدٌ في ال​سياسة​، يتبعه حكماً عمرٌ في الصفقات. حتى تنتقل الثروات من جيوب الناس إلى جيوب كتلة الأنانيين الصغيرة".

وأضاف عربيد "كلفة الفساد على اقتصادنا هائلة، فهي تمنع تكافؤ الفرص، وتبعد المستثمر المخلص، وتقرّب المرتكب من مركز القرار، فتقتل الأمل في الجيل الطالع ليكون حامل لواء التغيير، فتدفعه إلى الطائرة التي يراها تقلع الى وجهة أحلامة"، مشيراً إلى ان "القوانين والإجراءات الحالية تصب تركيزها على معالجة مشكلة الفساد في الإدارة العامة، وهذا ضروري، لكنه ليس كافياً، بل إنه من الضروري اصابة ​منظومة​ المناقصات المركّبة، وتحالفات المصلحة بين رأس ​المال​ ورأس ​السياسة​".

وتابع "الفساد ليس قدراً عندنا، هو متفشٍ لكن محاربته ممكنة، والجميع يعترفون به. فعندما يقع فاسدٌ، يخرج شركاؤه علينا ليقولوا، سنرفع الغطاء عن المرتكب. هذا يعني ببساطة أن الغطاء كان موجوداً"، مشيراً إلى "اننا وصلنا الى مرحلة، تطبّع فيها الفساد وعمّ. وهو العائق الاول للتنمية المستدامة ومسبب سوء توزيع الثروة، والتفاوت الطبقي بين الناس، وعنوان تدمير الامن الاجتماعي والاقتصادي. بل عنوان تدمير الدول برمتها. وفي حالتنا، هو مشوه لصورة بلدنا التي لطالما كانت جميلة".