كل المؤشّرات توحي بأنّ الازمات القائمة على الساحة المحليّة، تذهب إلى المزيد من التعقيد لا الحلّ، بغضّ النظر عن المبادرات التي تقوم بها أكثر من جهة فاعلة، بدليل ​العجز​ عن عقد جلسة حكوميّة رغم كل الأجواء الايجابيّة التي يتمّ تسريبها بين الحين والآخر.

وسط هذه المعمعة، هناك من يرى أنّ أخطر ما يحصل يكمن في نقطتين أساسيتين: الأولى غياب أيّ ضابط إيقاع قادر على حفظ التوازنات بشكل يضمن الحفاظ على الاستقرار المحلي، أما الثانية فهي لحظة الإشتباك في ظل أجواء ملبّدة على الساحة الإقليميّة، وبالتالي ربط مصير الأزمة ال​لبنان​يّة بما يحصل في البلدان المجاورة.

في هذا السياق، تستغرب مصادر سياسية مطلعة، عبر "​النشرة​"، الذهاب إلى التصعيد في هذا الوقت، خصوصاً أن لا مبرر عملي لكل ما يحصل، بل على العكس من ذلك إذ ان الظروف الراهنة تتطلب تفعيل مؤسسات الدولة لا تعطيلها لأي سبب من الأسباب، نظراً إلى أن النتائج ستكون كارثيّة على المستوى الإقتصادي.

بالنسبة إلى هذه المصادر، يبدو أن القوى السياسية تهوى إضاعة الفرص التي تكون سانحة أمامها، من مؤتمر "سيدر" إلى الموسم السياحي الذي قيل قبل أشهر قليلة أنه سيكون واعداً، وهي تبحث عن الأزمات بدل الحلول، وتضيف: "في كل يوم لدينا أزمة، لا نخرج من واحدة إلا لندخل بأخرى تكون أكثر تعقيداً".

على هذا الصعيد، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ أساس ​التسوية الرئاسية​، بين "​التيار الوطني الحر​" وتيار "المستقبل"، كان إبعاد لبنان عن النيران المشتعلة على الساحة السورية، وهو ما نجحت به إلى حدّ بعيد منذ إبرامها حتى الآن، إلا أنّ المشكلة اليوم توحي بوجود من يدفع باتّجاه إسقاط هذه التسوية بأيّ شكل من الأشكال.

تجزم المصادر السياسية المطلعة بأن المتضررين من هذه التسوية كثر، لكن في المقابل تؤكد أن لا بديل عنها مهما علت أسقف المواقف التصعيديّة، وتشير إلى أن البديل هو الفوضى التي لن تصبّ في صالح أي فريق أو جهة، حتى أولئك الذين يعتبرون أنفسهم أكبر المتضررين من إستمرارها، ويسعون إلى دفع رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ إلى الخروج منها.

في هذا الإطار، تشدد المصادر نفسها على وجود من يريد أن يدفع الحريري إلى قلب الطاولة، على قاعدة أنه المستهدف الأول من كل ما يحصل على الساحة المحلّية، لا سيما لناحية مواقف وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، ويسعى إلى تصوير الأمر له على أساس أنه إستهداف مباشر لصلاحيات رئيس الحكومة، ما يضعه في موقف غير قادر على المبادرة فيه.

بالتزامن، ترى هذه المصادر أن رئيس الحكومة لا يملك الكثير من أوراق القوّة على هذا الصعيد، فهو بطريقة أو بأخرى، سمح بوضعه في هذا المكان، بعد أن تماهى مع حملة الضغوط التي يتعرّض لها، خصوصاً بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده نتيجة الأزمة التي رافقت ما نُقل عن باسيل خلال جولة له في ​البقاع​، وبالتالي لم يعد يملك القدرة على التراجع، بدليل تولّي بعض رؤساء الحكومات السابقين، توجيه السهام إلى ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ مباشرة.

في المحصّلة، وبعيداً عن واقع رئيس الحكومة، الذي من الممكن الإشارة إلى أكثر من نقطة تسيطر عليه حالياً، هناك من يرى أن الخروج من المأزق الحالي لم يعد يحتمل المزيد من التأخير، لا سيما مع ذهاب البعض إلى إستدعاء الدعم الخارجي، للحصول على الدعم أو الضمانة، لكن من يستطيع إنزال الجميع عن شجرة التصعيد، في الوقت الذي تفتح فيه جميع الملفات التي كانت مؤجّلة؟.