لفت مفتي ​طرابلس​ و​الشمال​ ​مالك الشعار​، في كلمة له خلال المؤتمر الأوّل للقاء المشرقي بعنوان "لقاء وصلاة فطر، ​لبنان​ وطن الحوار والحضارات"، برعاية رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، إلى أنّ "في مثل هذا اللقاء النوعي والرفيع والمميّز، الّذي يَزدان بحضور الرئيس عون، يطيب الكلام، ويكتسب الأهميّة الأبلغ والمسؤوليّة الأرفع في معالجة قضيّة لا أبالغ إذا ذكرت بأنّها قضية العصر، لأنّها قضيّة الإنسان ولأنّها قضيّة الحياة، عَنيت بها العيش المشترك، الأخوة الإنسانيّة نحن والآخر".

وركّز على أنّ "صحيحًا أنّ العيش المشترك قدر، تنعدم فيه حالة الإختيار، ولكنّه قدر ممتع ومبارك، حيث تتجلّى فيه حقيقة الإنسان أي حقيقة كلّ واحد منّا، من حيث طيب معدنه وأصالة عنصره وطهارة منبعه، ومن حيث سلامة العقل والبيئة والفطرة. كما تتكشّف فيه آرومة الإنسان في عمق التربية والثقافة وصدق الانتماء والتجذّر"، مبيّنًا أنّ "العيش المشترك ابتداءً من منطلقات القيم ومفردات الحضارة الإنسانيّة، وكذلك كلّ ما له علاقة بالحقوق والواجبات، فضلًا عن الحريات بكلّ أنواعها، بل بكلّ أنواع التعامل مع النفس أو مع الآخر".

وأوضح الشعار أنّ "العيش المشترك يعني وجود التعدّد والتنوّع في الانتماء الديني والطائفي والعرقي، فضلًا عن التنوّع الثقافي. العيش المتشرك يعني وجود الآخر"، وذكر أنّ "​الإسلام​ جاء ليبني حضارةً عالميّةً تستوعب القريب والبعيد، والمؤمن وغير المؤمن، والحضارة الإنسانيّة لا يُكتب لها حضارة وعمر إلّا إذا قامت على أكتاف أمة تتمتّع بعقل مستنير وعلاقة حميمة متراصة".

وشدّد على أنّ "الإسلام بيّن خارطة الطريق ، فقرّر ابتداءً أنّ الإنسان خليفة الله في الأرض، وأنّه مكرّم أيًّا كان انتمائه. جاء ​القرآن الكريم​ ليبيّن أكثر أنّ من قتل النفس البشريّة فكأنّما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعًا. من ثمّ قرّر الإسلام أنّ الخلق جميعًا، أيًّا كان نوعهم أو انتمائهم، هم عباد الله وعياله".

ونوّه إلى أنّ "الله أرسل أنبياء وأنزل الكتب من أجل الإنسان ورفاهيّة الإنسان وهدايته. من ثمّ بيّن كيف نتخاطب وكيف يخطاب أحد منّا الآخر"، مشيرًا إلى أنّ "المعادلة في القرأن الكريم تختلف كثيرًا عمّا فهي في حياة أو أذهان البشر. الحد الأدنى أن تخاطب الناس بالحسن. المعادلة عندما بين الحسن والأحسن، وليست بين الصح والقبيح"، مفيدًا بأنّ "الله يأمر بالعدل والإحسان، والمعادلة عند البشر أنّ العدل يقابله الظلم، أمّا فقي القرآن فالعدل يقابله الفضل".

كما رأى الشعار أنّ "القضية الأساس هي التعامل، والتعامل فيما بيننا يقوم على البر والقسط، والقسط هو العدل"، مفسّرًا أنّ "الغاية من الحوار هي أن نتقارب، ويستفيد كلّ واحد منّا ممّا عند الآخر، وأن يكون الحوار الّذي هو لغة إنسانيّة، ولغة تقوم على سماحة الفكر وسعة العقل والإدراك. والغاية أن نحقّق الخير لمصلحة الإنسان ولمصلحة الدولة". ولفت إلى أنّ "القاعدة الّتي يقوم عليها الوطن والحكم في الإسلام، هي معان ثلاث: الحرية والعدل والمساواة".

وبيّن أنّ "الإسلام جاء بالحريات على أنّها الأساس، وليس هبة، لا تُسلب ولا تُصادر"، مؤكّدًا أنّ "البشر جميعًا أخوة، والعيش المتشرك والعيش الواحد في تصوّرنا الديني هو أصل من أصول الدين ومساحة للتنافس في ما بين أبناء الوطن في القول والفعل".