أكدت مصادر فرنسية رسمية لصحيفة "الشرق الأوسط" أن "​باريس​ تتجنب التدخل في الشؤون الداخلية ل​لبنان​، وترفض الخوض في بازار الأسماء المطروحة لترؤس ​الحكومة​ العتيدة. إلا أنها، في الوقت عينه، ومن باب حرصها على التضامن مع لبنان، ومساندته في المحنة السياسية والاقتصادية والمالية، فإنها لا تستطيع الوقوف مكتوفة اليدين، والتفرج على عبثية الجدل الذي يعتمل في الساحة اللبنانية على خلفية المظاهرات والمسيرات و​الاحتجاجات​ المتواصلة منذ السابع عشر من الشهر الماضي"، مشددة على "ضرورة التمايز بين ​سياسة​ باريس في لبنان، وبين ​السياسة​ الأميركية".

وجزمت المصادر أن "ما تريده ​فرنسا​ هو مساعدة لبنان على ملء الفراغ، وهي تأمل أن ينجح المسؤولون في الوصول إلى حكومة تتمتع بالصدقية من زاويتين: الأولى، القدرة على الاستجابة لما يريده ​الحراك الشعبي​، الذي تنزع عنه الصفة الحزبية ولعبة التآمر لإضعاف هذا الفريق السياسي أو ذاك. والثانية، التمتع بالكفاءة والقدرة على استصدار القوانين الضرورية من أجل القيام بالإصلاحات الاقتصادية التي لم يعد بالمستطاع تأجيلها، وهي ضرورية للبدء بتنفيذ تعهدات مؤتمر (سيدر) الذي نظمته باريس واستضافته في شهر نيسان من العام الماضي".

واعتبرت أن "استقالة رئيس الوزراء ​سعد الحريري​، دفعت ​الأزمة​ إلى مزيد من التفاقم ولبنان إلى وضع خطير للغاية"، مشيرة الى أن "الاجتماع الذي كان مقرراً في 13 من الشهر الحالي للجنة المتابعة لـ"سيدر"، الذي تقرر خلال الزيارة الأخيرة للحريري إلى فرنسا، قد تأجل، ولن تعاد جدولته قبل تشكيل حكومة جديدة".

ولفتت الى أن "باريس قادرة على التحاور مع كافة الأفرقاء داخل لبنان وخارجه، تحديداً مع ​إيران​ لتليين مواقف "​حزب الله​"، مبينة أن "باريستستطيع ​البناء​، على الخدمات التي تؤديها لإيران في الملف النووي، وعلى الجهود الكبيرة التي بذلها الرئيس ​إيمانويل ماكرون​ للجمع بين الرئيسين الأميركي والإيراني على هامش أعمال ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​".

وكشفت أن "ما سيحمله المبعوث الفرنسي هو طمأنة حزب الله إلى أنه ليست هناك مؤامرة وجودية، غرضها إضعافه، أو التخلص منه، وبالتالي يتعين على الجميع التعاون من أجل مواجهة أزمة يمكن أن تطيح، في حال استمرت المراوحة على حالها، بالنظام المالي والاقتصادي، وتُدخل لبنان إلى المجهول. من هنا، فإن المهمة الأولى» للدبلوماسي الفرنسي الذي سيلتقي كافة المكونات في لبنان هي السعي للتقريب بين المواقف المتناقضة للأطراف المتقوقعة، لعل ذلك يساعد على العثور على أول الخيط الدال على المخرج من الأزمة".