وجه بطريرك ​انطاكيا​ وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم اغناطيوس افرام الثاني، رسالة ​عيد الميلاد​ لأبناء الكنيسة في العالم، بعنوان "فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس" (يو 1: 4)، استهلها بالقول: "يصوب عيد الميلاد أنظارنا نحو الحقيقة الإلهية العظمى ألا وهي "الكلمة صار جسدا" (يو 1: 14) أي أن الله تجسد ليخلص الإنسان وأن علاقة الحب الأبدي بين الله الخالق والإنسان المخلوق والتي تنكر لها الإنسان بسبب المعصية، عادت فتجددت بكمالها عندما صار الله جسدا "وحل فينا" (يو 1: 14)".

أضاف: "يرتكز الإيمان المسيحي على هذه العقيدة، أن المسيح يسوع هو الله المتجسد، "لكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه" (يو 20: 31). بهذا الإيمان يتيقن المسيحي أن الظلمة التي لم تدرك المسيح لن تدركه هو أيضا (يو 1: 5) لأن الرب يسوع ولد في هذا العالم المظلم وأصبح نورا للعالم (يو 8: 12). وما أجمل ما كتبه الملفان العظيم مار يعقوب السروجي عن ميلاد الرب (...) لقد قيل: يشرق النور من الظلمة، هوذا الشمس قد أشرقت من الشعب للشعوب واستناروا به (بالمسيح)" (الميمر 203: 62)".

وتابع: "هذا الحدث الإلهي الفريد يدعوه القديس بولس بالسر العظيم، فيقول: "وبالإجماع، عظيم هو سر التقوى: الله ظهر في الجسد" (1 تي 3: 16). وهكذا عاد الرجاء إلى عالمنا، كما جاء في إعلان الملائكة: "المجد لله في العلى، وعلى الأرض ​السلام​ والرجاء الصالح لبني البشر" (لو 2: 14). بميلاده، تجدد الرجاء على وجه الأرض، وعظم الفرح، وولد الخلاص. نعم، عظيم هو هذا السر الذي يزيل الخوف من قلوب الناس، ويبعد الشك عن أذهانهم ويقويهم فلا يشعرون بعدم الأمان، بل يطمئنون أن "عمانوئيل" أي الله هو معنا (مت 1: 23) منذ البدء إذ إنه "كان في العالم وكون العالم به" (يو 1: 10).

ولكن عالم اليوم مليء بالخوف والقلق: فالحق يقاوم، والصدق والأمانة يحاربان، وينجذب الإنسان إلى الهلاك، عندما يجد أمامه المغريات التي تصعب مقاومتها والخطيئة التي تعرض أمامه متنكرة بثوب الفضيلة أو الحرية. ما أظلم عالمنا هذا حيث يسكن الظلم والشر والإلحاد والموت. ورغم ذلك لا نخاف، بل نثق أن المسيح إلهنا هو الذي يضيء الظلمة وبنوره نرى النور (مز 36: 9). ومع بشرى الملاك للرعاة، نتشدد ونتقوى، إذ يقول لهم: "لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لو 2: 10-11)".

ودعا إلى أن "ننتهز إذا الفرصة ونتأمل بمعاني عيد الميلاد، فنرى تواضع الرب الذي "أخلى ذاته، آخذا صورة عبد، صائرا في شبه الناس" (في 2: 7)، متنازلا عن مجد عظيم في سبيل خلاصنا. ولنعاين بحق اختياره الظهور بيننا كطفل رضيع ببساطة وفقر المذود الذي فضله على رفاهية القصور، فنفهم أن طرق الله تختلف عن طرق البشر (إش 55: 8)، وهي تؤدي إلى الخلاص والقداسة".

وقال: "لقد طالت معاناة أبناء مشرقنا بسبب ما خلفته الحروب من دمار وتردي الأوضاع الاقتصادية التي تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين، نتوجه بصلواتنا إلى ​السيد المسيح​، ملك السلام، طالبين منه أن يشرق نوره في وسط هذه الظلمة ويحل السلام في بلادنا ويعود الأمن والاستقرار إليها. وإذ يملأ رجاء الميلاد قلوبنا، نكرر مناداتنا لأصحاب الشأن والقرار أن يعملوا ما بوسعهم من أجل عودة مطراني حلب المخطوفين ​بولس يازجي​ ومار غريغوريوس يوحنا إبراهيم، آملين أن نفرح جميعا بعودتهما ونحتفل معهما بعيد الميلاد وبكل الأعياد".

وختم متقدما من أبناء الكنيسة "بالتهاني القلبية بمناسبة عيدي الميلاد المجيد ورأس السنة. ونصلي أن يكون العام الجديد 2020 مليئا بالرجاء وأن ينعم الرب الإله على الجميع بالأمن والطمأنينة والصحة والنجاح. وكل عام وأنتم بخير".