ليس جليّاً حتى الآن، كيف سيكون الرد ال​ايران​ي على إستهداف قائد فيلق "القدس" في الحرس الثوري ​قاسم سليماني​. لكن ظهر في كلام الأمين العام لحزب الله ​السيد حسن نصرالله​ أنّ الهدف الاساسي لكل "محور المقاومة" هو طرد الاميركيين من ​العراق​. تلك إستراتيجية واضحة المعالم، ليبقى التكتيك يخضع للظروف الإقليميّة. خصوصاً أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة إستعادت مشهد التأييد الشعبي الواسع في مسيرات التشييع التي إزدحمت في مختلف المحافظات الإيرانيّة. إنه العامل القومي الإيراني، الذي يتظهّر عند المصائب لتوحيد صفوف الشعب الذي ينتمي الى حضارة فارسية عريقة ممتدة عبر قرون. هذا المشهد الشعبي يُحبط الرهان الأميركي على ضرب الداخل الإيراني.

نجح الإيرانيون في حثّ العراقيين على إتخاذ قرار برلماني لنسف القاعدة القانونية التي تشرّع التواجد العسكري الأميركي في العراق. كادت ​الولايات المتحدة​ أن تقع في إرباك نتيجة الرؤى المتباينة إزاء التعامل مع القرار العراقي، لكن الهروب من الساحة العراقية لتفادي مشاهد الجثامين المحمّلة "افقياً"، قد لا يتوقف عند حد الإنسحاب الآمن. فما هي الاستراتيجية الاميركيّة؟ اذا قرّرت واشنطن التخلي عن العراق، فهل تنسحب ايضا من شرق ​سوريا​؟ اذا تحقق الإنسحاب الكامل، يعني ان الأميركيين قرروا التخلي عن لبّ ​الشرق الاوسط​ لصالح الإيرانيين والروس والأتراك. اذا كان على الأميركيين اتخاذ قرار الى اين الإتجاه. سيدفعون ثمناً عالياً لقرار البقاء والمواجهة.

يعتقد البيت الأبيض أن التحدّي في المواجهة سيؤدي الى تراجع شعبية الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ التي بناها على أساس عدم الدخول في حروب والتفرغ للداخل الأميركي إقتصادياً و إجتماعياً. جاء قرار واشنطن مبنيّاً على ألاّ معنى لدفع الثمن من اجل "الحرب الغبيّة في الشرق الاوسط" والخروج من العراق هو افضل للأميركيين. لكن هل تترك واشنطن العراق آمناً؟ بمجرد استحضار الحديث عن ترك العراقيين في ظلّ تباينات رُصدت في مقاطعة جلسة مجلس النواب من قبل الكُرد ونواب السنّة وبعض الشيعة، يعني أنّ الخلافات بدأت تأخذ طابعاً خطراً. فلو قررت واشنطن دفع الخلافات المذهبية الى الواجهة لإغراق العراق بالفوضى، وتعزيزها عبر ترك الاف السجناء الموجودين في سجون "قسد" في شرق سوريا، فهل سيعود العراق الى حمّامات الدم عبر تفجيرات ومواجهات؟! قد يحصل ذلك في فترة انتقالية قبل ان يعي العراقيون ان مصيرهم الإتفاق على تسوية من دون وصاية اميركيّة.

المهم ايضا في الاقليم: ماذا عن ​اسرائيل​؟ يسود الاعتقاد الإسرائيلي كما تُظهر التصريحات أن ايران لن تبادر الى مواجهة مباشرة مع تل أبيب حالياً. يردّد المحللون الإسرائيليون كلاماً أن اي خطوة هجومية ايرانية ضد اسرائيل ستكون في حال: "التزود بسلاح نووي، تثبيت تواجد عسكري قوي في سوريا مثل حزب الله في لبنان، وتزويد حزب الله بعدد كبير جدا من الصواريخ الدقيقة". لذلك يسعى الإسرائيليون لمنع تحقيق اي من الأهداف الثلاثة المذكورة. وتعتقد تل أبيب بحسب كتابات الصحف العبرية أن بقاء أزمة لبنان الإقتصاديّة ستمنع حزب الله من الالتفات الى اسرائيل، مما يعني مواصلة الضغط عبر واشنطن على ايّ دولة تريد مؤازرة لبنان مالياً الآن. لا بل ان الفوضى في لبنان مطلوبة لإشغال اللبنانيين نهائيا عن حدودهم الجنوبيّة، وبالتّالي منع تحقيق أيّ استهداف للإسرائيليين.