اعتبر المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ أحمد قبلان "أننا أمام مشهدية غير مسبوقة، وصورة سوداوية عن حاضرنا ومستقبلنا، نراها في ظل هذا الصراع السياسي والطائفي، وهذا الانحدار في الخطاب الوطني الذي يُنذر يوماً بعد يوم بأن الخروج مما نحن فيه من انقسامات وحسابات مصالح، لم يعد سهلاً، بسبب طبقة من النرجسيات السياسية والهيمنات الإقطاعية التي عاثت فساداً في البلد أفقياً وعامودياً، وأوصلته وشعبه إلى حال من الانحدار والفقر، لم يعهدها اللبنانيون حتى في زمن الحرب الأهلية! هذه الطبقة المتعالية والمتعجرفة والمستبدة لا تزال تحاول خداع الناس، وإيهامهم بأنها بريئة من كل التهم، لا بل تصرّ على أنها باب الخلاص، والمنفذ الرئيس لتحقيق الإنقاذ، فيما التجارب والوقائع تؤكّد أن علل لبنان وكلّ مشاكله السياسية والاقتصادية والمالية والطائفية، وكل ما نحن فيه من فساد وبطالة وهدر ونهب أموال وسياسات مصرفية مشبوهة ومتوحشة، لن تتوفر له الحلول، طالما بقيت عقلية أهل السلطة بهذا النهج الاستعلائي والتحاصصي، وعلى هذه الوتيرة من التصرف اللامسؤول واللاوطني، وكأن البلد بحالة ترف، ومعاناة اللبنانيين وصرخاتهم مجرّد حالة عابرة سرعان ما تزول".

وتوجه إلى المسؤولين بالقول: "البلد في خطر كبير، وأنتم تعرفون ذلك جيداً، لكنكم تكابرون وتزايدون وتصمّون آذانكم، وإلاّ ما معنى كل هذا الجدل البيزنطي حول شكل الحكومة، واسم الحكومة، والحصص في الحكومة، والتبعيات في الحكومة لهذا وذاك، ولماذا كل هذه الكولسات في الغرف؟ ولمصلحة من كل هذه التسويفات والمماطلات في ظل ظروف دولية وإقليمية حامية؟ والبلد يتدحرج سقوطاً، ولا من يصرّف أعمال، ولا من يشكّل حكومة، البلد فالت، وأبوابه مشرّعة أمام كل الاحتمالات، وشعبه يئن ويصرخ في الشوارع والساحات، وأمام المصارف، ولم يعد بمقدوره الصبر، فيما هناك من يتعاطى بأمور البلد ومصيره وكأنه مزرعة، وفقراؤه مجرّد أرقام لا روح فيهم، ولا قيمة لهم، وكل ما يطالبون وينادون به من حقوق مشروعة، وكرامة عيش، باتت لا تساوي شيئاً في مقابل أطماع وغايات أهل السلطة وحساباتهم الضيّقة".

وأضاف المفتي قبلان "نحن نرفع الصوت مع صرخات الناس، ونقول للمتبازرين على الحكومة: أوقفوا لعبة تدمير الدولة، والتلاعب بلقمة عيش الناس، وبصحتهم، وبمصيرهم، أوقفوا وحوش المال وتجار الدولار، والاحتكار، وعصابات النهب والصفقات، فلبنان يحتضر، وشعبه في مأساة حقيقية، لا كهرباء ولا ماء ولا دواء ولا محروقات، فإلى متى كل هذا التجبّر، وقلّة الضمير. ألا يدعوكم واجبكم الوطني والأخلاقي والإنساني إلى التخلّي عن أنانياتكم، وإزالة العراقيل والعقد المصطنعة من أمام حكومة مؤهلّة، تحظى بثقة الناس، وتكون قادرة على محاكاة ومعالجة شؤونهم الاجتماعية والمعيشية، وفق برامج واضحة وخطط مدروسة لإطلاق ورشة وطنية شاملة، اقتصادياً وإنمائياً، في إطار ​سياسة​ خارجية حكيمة، وخيارات وطنية تحمي لبنان وتحصنّه في وجه كل الأطماع والتحديات، وتعيد لشعبه ألق الاستقرار والازدهار من جديد"!