نجح رئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" النائب ​وليد جنبلاط​ على مدى سنوات، لا سيّما في الفترة الفاصلة عن التسوية الرئاسيّة بين "​التيار الوطني الحر​" وتيار "المستقبل"، في لعب دور "بيضة القبان"، في ظل الإنقسام الذي كان سائداً بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار، الأمر الذي إستفاد منه إلى حدّ بعيد.

اليوم، يبدو أن رئيس "الإشتراكي" عاد ليمارس هذا الدور، ولو بشكل غير مباشر، حيث كان "المنقذ" لقوى الأكثرية النّيابية، ​8 آذار​ و"التيار الوطني الحر"، في تأمين النّصاب القانوني لجلسة الثّقة، نظراً إلى أن عدم حضور أعضاء كتلة "​اللقاء الديمقراطي​" كان ليحول دون إنعقاد الجلسة، لا سيما أن موقف كتلتي "المستقبل" و"​الجمهورية القوية​" كان واضحاً، لناحية عدم الدخول إلى الجلسة قبل تأمين النصاب، لأنّ المسؤولية في هذا المجال تقع على عاتق الأكثريّة النّيابية التي تدعم ​حكومة حسان دياب​.

في هذا السياق، يمكن القول أن هذا الموقف لا يمت إلى الشعبويّة بصلة، نظراً إلى أنّ جنبلاط تعرّض لموجة واسعة من الإنتقادات بسببه، لا سيما من قبل المجموعات الفاعلة في ​الحراك الشعبي​، التي سعت إلى منع النواب من الوصول إلى ​المجلس النيابي​، على أمل أن يقود ذلك إلى إفقاد الجلسة النصاب اللازم لإنعقادها، وهذا الأمر كان في متناول اليد لولا تدخل رئيس "الإشتراكي" في الوقت بدل الضائع، أي بعد ​الساعة​ الحادية عشرة قبل الظهر، وهو الموعد المحدد من رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ لبدء الجلسة.

في التبرير، تؤكد مصادر من "اللقاء الديمقراطي"، عبر "النشرة"، على موقف الحزب الواضح، لناحية الإصرار المسبق على المشاركة في الجلسة، إنطلاقاً من الإلتزام بالأصول البرلمانية ودور النائب في نقل ​صوت الشعب​ إلى ​المؤسسات الدستورية​، وهو الموقف الذي يلتزم فيه الحزب منذ زمن رغم أنه لم يمنح حكومة دياب الثقة، وبالتالي لا يمكن إعطاء هذا الموقف أي تفسير آخر.

وتؤكد المصادر نفسها أنّ الحزب لم يقم بهذه الحسابات، فعندما وصل النواب إلى المجلس لم يعمدوا إلى عدّ عدد الحاضرين، وبالتالي لم يكونوا جزءاً من "لعبة" النّصاب، نظراً إلى أن حضورهم كان للمشاركة في الجلسة، خصوصاً أن "الإشتراكي" يعارض خيار المقاطعة، لا سيما أنه كان يعتبر الكتل التي تقاطع في موقع المعرقل.

في المقابل تقرأ مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، ما هو أبعد من ذلك، ويتمثل في إعلان رئيس "الإشتراكي" بأن الحزب لن يكون في أيّ حلف ثلاثي أو غير ذلك إلاّإذا تأمّن البرنامج السياسي والإقتصادي واضح المعالم والتوجهات، وتعتبر أن هذا الموقف هو رسالة إلى كل من "​القوات​" و"المستقبل"، نظراً إلى أن الحزب والتيار كانا ملتزمان بعدم تأمين النصاب، لا سيما بعد أن أعلنا أنهما لن يدخلا إلى القاعة قبل تأمينه، وهو ما يتأكد من خلال الإطّلاع على جدول الحضور ليتبيّن أن نواب "اللقاء الديمقراطي":هادي أبو الحسن (62)، ​أكرم شهيب​ (63)، ​فيصل الصايغ​ (64)، ​بلال عبدالله​ (65)، هو الذي أمّن النصاب بشكل حاسم.

في الإطار نفسه، ترى المصادر نفسها أن هذا الموقف يعود إلى الإلتزام بالتحالف مع رئيس المجلس النيابي، الذي كان رئيس "الإشتراكي" قد وصفه في وقت سابق بـ"الحليف الوحيد"، خصوصاً أن برّي حرص على تمثيل جنبلاط في ​الحكومة​، ولو بشكل غير مباشر، عبر وزيرة الإعلام ​منال عبد الصمد​، مقابل الحدّ من وتيرة معارضته لها، وتعتبر أن الترجمة جاءت في هذا الموقف، لا سيما أن رئيس المجلس النيابي كان من أكثر المتحمسين لإنعقاد الجلسة، وبالتالي منع إغلاق المجلس النيابي.

في المحصّلة، نجح جنبلاط في ممارسة الدور "المحبّب" لديه، أيّ "بيضة القبّان" في ظلّالخلاف بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار، لكن هل ينجح ببقائه في هذا الموقع مطولاً؟.