ينتهي صيام المسيحيين دينيّـاً، ويبدأ صيام المسلمين الديني، ويبقى ال​لبنان​يون وطنياً في حالة صيامٍ دائم...

عندما ينتهي ​الصيام​ عند المسيحيين والمسلمين، فهل هذا يعني أنَّهم يتمتَّعون من بعدُ، بالصيام الوطني وهنيئاً يأكلون...؟

المسيحيون​ و​المسلمون​ والوثنيون في لبنان، باتوا ينتسبون إلى طائفةٍ واحدة هي الجوع، يصومون مع الجوع في موعدٍ واحد، ويصلُّون لنبيٍّ واحدٍ هو الرغيف.

في أعقاب ​الثورة​ الفرنسية كتبت جريدة «المونيتور» تقول: «كان الدم يسيل ولم نفتـقد ​الخبز​، واليوم لا يسيل الدم والخبز مفقود، أيَجبُ أنْ يسيل الدم لنحصل على الخبز»...؟

والثورة اللبنانية في 17 تشرين إنطلقت سلميةً للحصول على الخبز... والخبز مفقود، أيجـب أن يسيل الدم...؟

الخبزُ و​القمح​ والملح وكلُّ ما يتَّصلُ بلقمة العيش والقوت، إبتلَعهُ عندنا الحوت، ومع أنّ الحيتان هم أيضاً يصومون... يصومون عن الخبز والنبات واللحوم المذبوحة، فإنّهم لا يأكلون إلاّ اللحم الحـيّ...

وحيتان البـرِّ يبتلعون أيضاً الأنبياء كمثل ما ابتلعَ حـوتُ البحر يونس النبي.

أكثر الذين يصومون ويصلّون تضليلاً هـمُ اللصوص، يرفعون أيديهم الملوَّثـة في هيكل الشياطين، ليس للأغنياء بالحرام مكانٌ في ملكوت الله، إنَّ بينهم وبين الله عداء، وكـلٌّ منهم إآـهُ نفسه وصنَـمٌ مـؤلَّـه.

النبيّ كان يصوم مع ​اليهود​ في اليوم الذي يُعرَفُ عندهم ب​يوم الغفران​، دلالةً على ما يوحيه ​الصوم​ من مشاعر إنسانية وقِـيَم، وما يشكّلهُ الجوع من عِـبَرٍ يقتدي بها المتخمون.

والإمام علي بن أبي طالب يسأل: «كيف تَسيغُ شراباً وطعاماً وأنت تعلم أنك تأكل حراماً وتشرب حراماً...»؟

وأُسقُـف آسيا الصغرى باسيليوس الكبير يعلن: أنَّ الغنيّ الذي يحتفظ بما يزيد عن حاجته يعتبر سارقاً.

وعمر بن الخطاب كان يخشى أن يجوع جَمَـلٌ في الفُرات ويسأَلُه الله عنه.

في الحروب الجائحة لا تعرف البطون الجائعة الرحمة ولا تملك أذنين كما يقول المثل الروسي.

وثورات الجياع لا تزال ماثلـةً في أعين التاريخ، حين كان المحرومون ينقضّون كالكواسر على الـمُؤَن المخزّنة في أقبيـة القصور...

وفي الحرب العالمية الأولى كان ضحايا الجوع يتزاحمون على جِـيَفِ ​الحيوانات​ حتى إنَّ الأمهات كُـنَّ يأكلنَ لحوم أبنائهنّ الأموات...

أنتم كلّكم.. نعم كلُّكم، هل ترون أنّ الذين واللواتي يأكلون لحوم أبنائهم الأموات، قد يرحمون الأحياء الذين يأكلون لحومهم.

هل تـرون أن اللبنانيين يرضون بأنْ تكون كلُّ أيامهم صوماً كمثل ما قال شاعر عن أيام أحد الحكّام:

أيّامُـهُ مثلَ شهـرِ الصومِ خاليةٌ

مِـنَ «الطعامِ» وفيها الجوعُ والعطشُ...

أو هل ترون أنّ «الكورونا» ستؤدي إلى الإنتحار التدريجي وتجعل البيوت قبوراً للمعتصمين جوعاً فيها...؟

ماذا يا أنتم... هل يجب أنْ يسيل الـدم..؟