من وجهة نظر الكثيرين، قد يكون من المبكر الحديث عن الإستحقاق الرئاسي المقبل في العام 2022، لكن عملياً أغلب الإستحقاقات السياسية الحالية تخاض من خلفية التنافس على هذا المنصب، حيث يسعى جميع الطامحين إلى تحسين أوراق قوتهم منذ الآن، الأمر الذي يستحق التوقف عنده.

من حيث المبدأ، البحث لا يتوقف عند هوية الرئيس المقبل، بل يشمل أيضاً دوره وموقعه في المعادلة اللبنانية، نظراً إلى عودة فرضية الرئيس التوافقي أو الحكم بين الأفرقاء إلى الظهور، في تنافس واضح مع نظرية الرئيس القوي التي وصل الرئيس ميشال عون إلى القصر الجمهوري على أساسها، الأمر الذي يترجم بحركة لافتة لبعض المرشحين الرئاسيين، على أساس النظرية الأولى.

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى وجود ناخبين أساسيين في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، هما "حزب الله" أو ​إيران​ والولايات المتحدة الأميركية، والبعض يسأل من سيكون الناخب الذي سيطرح الأسماء حينها بينما يكون لدى الثاني حقّ "النقض"، على قاعدة أن ذلك سيكون إنطلاقاً من المعطيات الدولية والإقليميّة التي ستكون حاضرة حينها، وبالتالي قد يكون من المبكر، كما يشير "حزب الله" دائماً، حسم تبنيه أي مرشح منذ الآن.

بالنسبة إلى موقف الحزب، لا تتردد هذه المصادر في التأكيد أنه محرج كثيراً من الصراع القائم بين حليفيه، أي رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​جبران باسيل​ ورئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​، بظل التنافس الحاد بينهما على موقع الرئاسة الأولى، وهو ما دفعه إلى إنتهاج ​سياسة​ "الحياد" عن هذا الصراع، وتتوقع أن يستمر هذا التوجه حتى اللحظات الأخيرة من الإستحقاق الرئاسي، مع العلم أن "الوطني الحر"، بحسب ما أكد أمين عام الحزب ​السيد حسن نصرالله​ سابقاً، كان قد أبدى عتباً عند إعلان الحزب تبنيه عون في الإستحقاق الماضي.

عملياً، تلفت المصادر نفسها إلى أن الحزب هو بين سيناريوهين: الأول هو تبنّي باسيل، القادر على تأمين دعم مسيحي له يفوق ذلك الذي يقدّمه فرنجية من حيث المبدأ، لكن في المقابل هو مرفوض من غالبية القوى السياسية المحلية، أما الثاني فهو تبني فرنجية، الذي لا يستطيع أن يؤمن الدعم المسيحي الكبير له لكنه قد يكون مقبولاً على المستوى الوطني، إلا أنّ عهده من وجهة نظر البعض سيكون مكبّلاً، نظراً إلى أنه سيصل على أساس التحالف مع القوى السياسية التقليديّة، كرئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ ورئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ ورئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، في حين من المستبعد أن يحظى بدعم رئيس حزب "​القوات​ اللبنانيّة" ​سمير جعجع​.

وفي حين تشير المصادر السياسية المطلعة إلى أن "حزب الله" سيعتمد نظرية "القطعة" في العلاقة مع الحليفين، لا سيما "التيار الوطني الحر"، في المرحلة المقبلة، تؤكد بأن الحزب لن يكون هو المتضرر ممّا يطرح عن إمكانية ذهاب التيار إلى فكّ الإرتباط معه، نظراً إلى أن الأخير هو المستفيد الأكبر من التحالف القائم بين الجانبين على المستوى الداخلي، إلا أنّ الحديث عن هذا الأمر لا يأخذ حيزاً كبيراً من النقاش.

بالعودة إلى الإستحقاق الرئاسي، تكشف هذه المصادر عن التداول، في الفترة الماضية، بفرضية تأجيل الإنتخابات النيابية المقبلة، نظراً إلى تزامن موعدها مع الإنتخابات الرئاسية والإنتخابات البلدية والإختيارية، لكنها تشير إلى أن هناك رفضاً لهذا التوجه من قبل قوى سياسية أساسية في البلاد، ومن ضمنها "حزب الله" الذي يأخذ بعين الإعتبار دعوة الشارع إلى إنتخابات نيابية مبكرة، وتلفت إلى أنه عند موعد الإستحقاق الرئاسي سيكون هناك مجموعة من الأسئلة الأساسية التي ستطرح، حول الجهّة أو الشخصية التي لديها الكتلة النيابيّة المسيحيّة الأكبر، وحول الجهّة أو الشخصيّة القادرة على تأمين العدد الأكبر من الأصوات لإنتخابها.

في المحصّلة، تجزم المصادر نفسها أنّ الحزب ليس في وارد الإعلان عن تبنّي أيّ إسم منذ الآن، ولا يمكن دفعه إلى ذلك تحت أيّ ضغط، سواء من حلفائه أو من خصومه، وحتى موعد الإستحقاق، في العام 2022، "الحياد" أو "الصمت" سيكون هو الموقف الرسمي.