انتهت الحلول المبتكرة التي اعتمدت عليها شركتا الخليوي في ​لبنان​ لتسديد رواتب الموظفين في الأشهر القليلة الماضية، فبعد مرور 18 يوما على دخولنا شهر حزيران، لا تزال رواتب شهر أيار خارج جيوب موظفي القطاع، بظل ازمة اقتصادية خانقة يعاني منها البلد، وارتفاع جنوني بأسعار السلع الاستهلاكي، الأمر الذي دفع بالموظفين للتهديد بالتوقف عن العمل.

بعد ضياع ​وزارة الاتصالات​ بتحديد مصير قطاع الخليوي، قررت استعادته الى حضن الدولة، ولكن يبدو أن إجراءات العودة تسير بسرعة ​سلحفاة​ تتمختر، فالأسابيع تمر والقطاع يعاني، وعائلات الموظفين تنتظر، مع العلم أن مجلسي إدارة الشركتين عُيّنا، والأمور تنتظر فقط الدعوة الى جمعية عمومية لمنح المجلس الجديد التفويض بالعمل.

عندما قررت ​وزارة الإتصالات​ استعادة القطاع، قررت شركتا الخليوي "التخلي" عن واجباتهما، وبشكل تدريجي، وتم تحميل وزير الاتصالات المسؤولية كون القطاع أصبح من مسؤولية الدولة، الامر الذي خلق مشكلة رواتب، وقلقا من ​المستقبل​ لحوالي 2000 موظف. ورغم أن القانون يقف الى جانب الموظفين وحقوقهم بالاستمرار ونيل رواتبهم، الا أن التطبيق جاء متناقضا مع الحق، الأمر الذي دفع نقابة موظفي الخليوي الى التوقف عن العمل.

يؤكد نقيب موظفي قطاع الخليوي شربل نوار أن فكّ الإضراب لن يحصل الا إذا تم التجاوب مع المطلب الأساسي وهو الحصول على الرواتب، مشيرا في حديث لـ"​النشرة​" الى أن البوادر إيجابية ولكن هذا لا يعني فك الإضراب، وبحال لم يتجاوبوا غدا، سيستمر الإضراب، مؤكدا ان وزير الإتصالات ​طلال حواط​ يسعى ويضغط على الشركات لدفع الرواتب.

وعن تأثيرات الإضراب، يلفت نوار النظر أن التأثير قد لا يظهر خلال ​الساعات​ الاولى، ولكن بحال استمر لأكثر من يوم فسيتأثر المواطن، بسبب توقف خدمة الزبائن، تعطل شبكات، او نفاد ​المازوت​ من محطات الإرسال، الضروري لتشغيلها عند ​انقطاع الكهرباء​، متمنيا عدم الوصول الى نتائج كهذه.

من جهته يؤكد مستشار رئيس ​لجنة الإعلام والإتصالات​ الدكتور علي حمية أن القانون يُلزم الشركات بدفع الرواتب، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أنه في حال انقطاع خدمات ​الهاتف​ الخليوي على أشكالها، على ​الدولة اللبنانية​ مباشرة وبدون أي تردد محاسبة المسؤولين عن هذا الموضوع بموجب المادة 7 الواردة في العقود الموقعة عام 2012.

ويضيف: "البند 1 من الفقرة 5 من المادة 7 من العقد مع مشغلي الخليوي تنص على "أن يضمن المشغل حماية النظام وتكامله وسلامته وتشغيله المستمر، وأن يكون هذا التشغيل غير منقطع"، ما يعني أن على المشغل مسؤولية كبيرة، تتضمن مسألة دفع الرواتب طالما أن الجمعيات العمومية، التي يُفترض أن تدعو إليها الشركتان، لم تنعقدا بعد لأجل التسلم والتسليم بين مجلس الإدارة السابق والحالي.

ويلفت حمية النظر الى أن "على مشغلي الخليوي في لبنان مراجعة التفسير في العقود التي أبرمت سابقا مع الدولة اللبنانية، خصوصا فقرة "مجموع النفقات التشغيلية"، وبناء على ذلك يجب أن تُصرف رواتب الموظفين كالعادة، اذ أن المسؤولية تقع على الشركتين المشغلتين لشبكتي الخليوي ومن يملك حق توقيع صرف النفقات التشغيلية ومن هم في سدة المسؤولية لحين انعقاد الجمعيات العمومية، التي بحال لم تدع إليها الشركات يمكن لوزير الاتصالات اتخاذ قرارات استثنائية.

لم يعد مقبولا ما يحصل في هذا القطاع، فالمطلوب التعاطي بمسؤولية من الجميع، بعيدا عن المصالح الضيقة والخاصة، والأهم، بعيدا عن منطق التشفي والانتقام.