في المفاوضات مع ​صندوق النقد الدولي​، لم يتم التركيز فقط على الإصلاحات التي يجب أن تنفذها ​الحكومة​ في ​قطاع الكهرباء​ حيث الهدر المالي الأكبر بقيمة 2 مليار ​دولار​ سنوياً، فمن الإصلاحات الأساسية المطلوبة هو وقف الهدر في ​القطاع العام​ وتخفيض النفقات على أمور غير ضرورية، ومن هذا المنطلق أصدر رئيس الحكومة ​حسان دياب​ تعميمه الذي طلب فيه من جميع الإدارات والمؤسسات العامة و​البلديات​ واتحاد البلديات وقف ساعات التكليف بالعمل الإضافي إبتداءً من 1/7/2020.

رئيس الحكومة وبحسب مصادر مطلعة، أصدر تعميمه المذكور لأنه على علم ب​تفاصيل​ الأرقام المتعلقة بالخزينة العامة، وبأن ​الوضع المالي​ الحرج الذي يعانيه ​لبنان​ لم يعد يحتمل مزيداً من الإنفاق خصوصاً إذا كان عشوائياً في بعض الإدارات وتُطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام، والمقصود بها المؤسسات والإدارات العامة وليس الوزارات، لماذا؟ لأن موازنات الأخيرة تُقدم مفصّلة وتذكر فيها كلفة ​الساعات​ الإضافية، أما في المؤسسات والإدارات ولا سيما الصناديق، فلا يمكن معرفة كلفة الساعات الإضافية لأن أمر توزيعها متروك لرئيس الصندوق أو المدير. وفي هذا السياق تكشف أرقام موازنة العام 2020 أن كلفة ساعات العمل الإضافية تصل الى حوالى 50 مليار ليرة سنوياً من بينها هناك 14،7 مليار ليرة في الوزارات وما تبقى أي حوالى 35،3 مليار ليرة يصرف في المؤسسات والصناديق ومن دون أن تظهر أرقامه بشكل مفصل في ​الموازنة​ العامة، وهنا يكمن الصرف العشوائي القائم على المحسوبيات بين المدير والموظف.

وهنا يضيف مصدر متابع سائلاً "ألم تظهر التحقيقات الأخيرة في فضيحة فساد ضخمة أن مديراً عاماً أوقف مع رئيس إحدى الدوائر كان يسجل ساعات إضافية لرئيس الدائرة خلال فترة كان الأخير فيها خارج لبنان"؟. وبالعودة الى أرقام موازنة العام 2020 وعلى سبيل المثال لا الحصر، تصل كلفة الساعات الإضافية في ​رئاسة الجمهورية​ الى ١٥٤.٨ مليون ليرة وفي ​مجلس النواب​ الى 36 مليون ليرة أما في ​رئاسة مجلس الوزراء​ فإلى ٨٢٨ مليون ليرة. الكلفة عينها في ​ديوان المحاسبة​ تصل الى ٥٦١ مليون ليرة وفي ​مجلس الخدمة المدنية​ الى ٥٠١ مليون ليرة، وفي ​التفتيش المركزي​ الى ١.٠٧٧ مليار ليرة أما في ​وزارة المالية​ شؤون الموازنة فكلفة الساعات الإضافية فهي ٢.١٨٢ مليار ليرة، وفي المديرية العامة للتربية 105 مليون ليرة وفي ​وزارة الصحة​ ٣٠٢ مليون ليرة وفي ​وزارة الاقتصاد والتجارة​ ٣٤٠ مليون ليرة، في ​وزارة العمل​ ١٥١ مليون ليرة وفي ​وزارة الصناعة​ ٢٧٧ مليون ليرة.

بعض الإدارات إعترض على إيقاف الساعات الإضافية على إعتبار أنها بحاجة ماسة لها نظراً الى الشغور الذي يعاني منه ملاكها التوظيفي ولأن التعاقد ممنوع بحسب القانون 46، ولأن أعمال الصيانة فيها لا تحتمل ك​الهاتف​ والكهرباء. إعتراض قد يكون قابلاً للدرس في بعض الإدارات لكنه سيرد الى أصحابه في الإدارات الأخرى لا سيما في الصناديق أو ما بات يعرف بمزاريب الهدر و​الفساد​.