أكدّ الخبير الإقتصادي ​وليد أبو سليمان​، في حديث لـ"النشرة"، أن "​لبنان​ وصل إلى الحضيض على المستوى الإقتصادي، خصوصًا بعد الإنفجار الذي ضرب ​مرفأ بيروت​ وأدى الى تضرّر مؤسّسات وشركات سياحية وتجارية"، لافتًا إلى أن "قرار الإقفال العام الذي إتخذته الدولة للحد من تفشّي ​فيروس كورونا​، وبالرغم من أنه مرِن أكثر من الإقفال في شهر آذار، إلا أنه سيُكبّد ​الإقتصاد اللبناني​ خسائر إضافية، وسيتأثر الإنتاج بنسبة 80 بالمئة".

وشدّد أبو سليمان على أن "مرفأ بيروت كان من أهم المرافق الحيوية للإقتصاد في لبنان، وكان يُدخل إلى خزينة الدولة ما لا يقل عن 280 مليون دولار سنويًا كرسوم جمركية، كون التداول التجاري بين الداخل والخارج عبر الإستيراد والتصدير كان يمر عبر مرفأ بيروت"، مُعتبرًا أن "التحدي الأساسي أمامنا اليوم هو كم نحتاج من الوقت لإعادة ترميمه وعودته الى العمل بشكل طبيعي، كما أن علينا الإستعانة بمرفأي طرابلس وصيدا الى حين الإنتهاء من الأعمال في مرفأ بيروت".

وحول الحديث عن عدم قدرة ​مصرف لبنان​ الإستمرار في دعم السلع الغذائية، أوضح أبو سليمان أنه "منذ البداية كان مصرف لبنان يهدف الى عدم المسّ بالإحتياطي من العملات الأجنبية، ولهذا السبب كان يستحوذ على ​الدولار​ات الآتية من التحاويل الإلكترونية وضخها للصيارفة من الفئة "أ" لتأمين الدولارات للطلاب اللبنانيين في الخارج والعاملات الأجنبيات وغيرهم، ونتيجة هذا الإجراء إنخفضت التحاويل المالية بنسبة 80 بالمئة، ولهذا السبب عاد مصرف لبنان وأصدر تعميمًا في اوائل شهر آب ينص على تسليم التحاويل الى أصحابها بالدولار، وبطبيعة الحال ستنخفض الدولارات المحوّلة من مصرف لبنان الى الصيارفة".

وتابع أبو سليمان: "أما بخصوص السلّة الغذائية التي تعهّد ​المصرف المركزي​ بدعمها على سعر 3900 للدولار، وبسبب عدم قدرته بالحصول على تحاويل اللبنانيين من الخارج بالدولار، أصبح مُضطرًا لإستخدام الإحتياطي لديه، وهذا ما حذّرنا منه في السابق"، مُعتبرًا أن "السؤال الكبير اليوم: هل مصرف لبنان قادر على تأمين إستمرارية الدعم؟ من وجهة نظري لن يستطيع، لأنه أكدّ في وقت سابق أن الإحتياطي مخصّص لثلاث سلع أساسية وهي القمح والمحروقات والأدوية".

ورأى أبو سليمان أن "الحل يكون بتوجيه الدعم إلى الأُسر الأكثر فقرًا، وبهذه الطريقة لا يستفيد الأثرياء منه ونحافظ على الإحتياطي بالعملات الأجنبية لأطول فترة ممكنة"، مشيرًا الى أن "​الدول المانحة​ تعهّدت في مؤتمر دعم لبنان بتقديم حوالي 250 مليون يورو، وهذا الرقم لا يُغطّي الا جزءًا بسيطًا من الأضرار التي لحقت ببيروت، وكلفة الأضرار المباشرة وغير المباشرة قد تتجاوز الـ10 مليار دولار".

من جهة أخرى، لفت أبو سليمان الى أنه "فيما يتعلق بالمفاوضات مع ​صندوق النقد الدولي​، كان هناك تجاذب بين 3 أفرقاء: الحكومة ومصرف لبنان و​جمعية المصارف​، والصندوق حسم الجدل حين طالب بالكابيتال كونترول، وبتوحيد سعر الصرف، وبتحميل المساهمين وكبار المودعين الذين استفادوا من الفوائد الكبيرة بعض الخسائر، كما طالب بالتحقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان"، مُعتبرًا أن "طلبات الصندوق تُلاقي طروحات الحكومة المستقيلة، وهنا يُطرح السؤال: هل من سيأتي من جديد للتفاوض مع الصندوق سيُكمل نهج الحكومة السابقة أم سيصطدم معه؟".

وشدّد أبو سليمان على أن "اي مفاوض عليه أن يمتثل لتوصيات الصندوق، الذي سيكون بمثابة عامل ثقة بالنسبة للدول والجهات المانحة، التي اهتزت ثقتها بلبنان بعد تخلّفه عن سداد ديونه في شهر آذار الفائت، وبالتالي الإتفاق مع الصندوق سيكون بمثابة مؤشر إيجابي لبقية المانحين".