نجحت ​فرنسا​ بدخولها مسار الحل الحكومي في ​لبنان​، بعد تسمية ​مصطفي اديب​ وتقديمه هدية للبنانيين في ذكرى مئوية لبنان الكبير، فهم يعرفونه جيداً بوصفه من أهل البيت، وانه "صهر فرنسا"، فزوجته فرنسية واسمها فلافيا دماتو ووالدها مقرب جداً من قصر الايليزية .

كُلف ​مصطفى أديب​، إبن "عروس ​الشمال​" ​طرابلس​، والذي دَخَل نادي رؤساء الحكومة في لبنان، بعد توليه منصب سفير لبنان في ​برلين​ – ​المانيا​ منذ عام 2013.

يأتي هذا في وقت فشل فيه الرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ في الضغط على ​السعودية​ للقبول برئيس الحكومة الأسبق ​سعد الحريري​ على رأس الحكومة، لكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، بحسب مصادر دبلوماسية، كرر رفضه المستمر للقبول بالحريري على رأس أي حكومة قادمة، كون الحريري غير قادر على مواجهة تمدد ​حزب الله​ و​التيار الوطني الحر​.

اضطر ماكرون، للاتصال بالحريري والضغط باتجاه الإفراج عن الاسم المرشح من قبله. بعد غربلة الأسماء وقع الاختيار على اديب، الذي كان على تواصل دائم مع الحريري.

وأظهرت عملية اختيار القوى الرئيسية لمصطفى أديب حجم الخلاف الكبير بين فرنسا و​الولايات المتحدة​ حول شكل الحكومة القادمة، إذ تصر ​واشنطن​ على أن تكون حكومة اختصاصات دون محاصصة حزبية ودون حزب الله، بينما يسعى الرئيس الفرنسي ماكرون إلى تكوين حكومة وحدة وطنية.

فصبّ الاختيار بالنهاية على أديب، الذي يمثل قفزا على القوى السياسية النافذة في البلاد وفوق مطالب الشارع. وطالبت هذه القوى بتشكيل حكومة حيادية ومستقلة تنقذ البلاد من الأزمات، ولا تتمثل بسياسيين.

انتصار آخر ل "حزب الله" في إيصال مرشّح وهذه المرة ليس عبر استيلاده في كنفه بل من خلال جرّ الآخَرين إلى تسميته وفق "لائحة الفيتوات" التي فَرَضها على الجميع خصوصاً حول ​نواف سلام​ و​محمد بعاصيري​.

كذلك نجح ​جبران باسيل​ في استبعاد الحريري، والأهمّ استدراج الأخير ولو بطريقة غير مباشرة إلى تجديد التسوية مع عهد ​الرئيس عون​، في موازاة الاستفادة الكبيرة للحزب التي سيشكّلها الغطاء السني للحكومة بحال اكتمل نصاب تأليفها وجرُّ هذا المكوّن وبعض خصومه إلى شراكة في حمل كرة نارالانهيار التي أحرقت يدي ​حكومة حسان دياب​ السابقة ، فإزداد الحصار حول الحزب.

هل سنشهد حكومة سياسية او تكنو سياسية او مع تمثيل سياسي خفيف منعاً لاستفزاز ​المجتمع الدولي​ الذي يصرّ على أن تحاكي الحكومة مطالب ​الشعب اللبناني​؟

في كافة الاحوال على ​الحكومة الجديدة​ مهمة ترميم علاقات لبنان الخارجية وإدارة مرحلة إعمار ما تهدم، وتنفيذ مجموعة الإصلاحات المطلوبة في بعض القطاعات الأساسية التي يمكن أن تؤثر في مسار المعالجة الاقتصادية والنقدية ولا سيما تلك التي تتقدم المسار المجمد في المفاوضات مع ​صندوق النقد الدولي​ الذي رحب بدوره في تكليف اديب، وباقي المؤسسات المانحة التي تنتظر ضوءاً أخضر منه ومن ​الحكومة اللبنانية​ التي يمكنها أن توحي بالثقة منذ اللحظة الأولى لتشكيلها في حال ابعدت الأسماء النافرة من تركيبتها واستبدلتها بأسماء توحي بالثقة.

يحظى أديب بغطاء سني واسع ما يمكنه من السير على أرضية صلبة لتأليف حكومة وطنية تمثل كل اللبنانيين، تكون قادرة على إنجاز الاصلاحات، كما أن تسميته وإن كانت بطرح سبق الاستشارات، إلا أنها أعادت بعضا من هيبة الرئاسة الثالثة، حيث لم يخضع أديب لأية إختبارات أو إملاءات مسبقة أو تكبيل بشروط معينة.

لن تشبه حكومة أديب حكومة دياب ذات اللون الواحد التي فشلت في ​تحقيق​ أي إنجاز، من المفترض أن تمكنه من تشكيل حكومة تضم كل المكونات اللبنانية شييهة بحكومات الوحدة الوطنية من حيث الشكل، أما في المضمون فستكون حكومة إختصاصيين واضحة وليست مقنعة، ترضي الطرفين الأميركي والفرنسي معاً.