على هامش أزمة ​تشكيل الحكومة​ العتيدة، تبرز شخصية رئيس الحكومة المكلف ​مصطفى أديب​، الذي لم يظهر، حتى الآن، أي قدرة على تولي دفة إدارة البلاد في أكثر لحظة مصيرية تمر بها منذ سنوات، الأمر الذي يستحق التوقف عنده لأنه سينعكس بصورة مباشرة، في حال ولادتها، على المرحلة التي تلي التأليف.

من دون أي مقدمات ظهر اسم السفير ال​لبنان​ي في ​برلين​ كمرشح ل​رئاسة الحكومة​، بعد الفشل في التسويق لمعادلة عودة رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، في مقابل رفض كل من رئيسي حكومتين سابقين ​نجيب ميقاتي​ و​تمام سلام​ تولي المهمة، في حين كان من المعروف عنه، خلال أدائه مهمته الدبلوماسيّة، سعيه إلى أن يكون على مسافة واحدة من جميع الأفرقاء.

بعد تسميته، كان من الواضح أن أديب يحظى بدعم فرنسي لإنجاح المهمة التي كُلف من أجلها، الأمر الذي كان من المحتمل أن يستفيد منه لتشكيل حكومته سريعاً، لا سيما بعد أن حدد الرئيس ​إيمانويل ماكرون​، خلال زيارته الماضية إلى لبنان، مهلة الاسبوعين لولادتها، إلا أن مسار المشاورات أظهر، بحسب ما ترى مصادر سياسية متابعة عبر "النشرة"، أن الرجل مكبّل لا يستطيع أن يقدم على أيّ مبادرة من تلقاء نفسه.

في هذا السياق، تشير هذه المصادر إلى حادثة تراجعه عن الإعتذار، في الطريق إلى ​القصر الجمهوري​ في ​بعبدا​ خلال احدى زيارته للرئيس ميشال عون، نتيجة إتصال من ​باريس​، طلب منه خلاله بالتريث، بالإضافة إلى البيان الصادر عن الحريري حول حقيبة الماليّة، حيث ظهر رئيس الحكومة السابق في موقع من يقدّم التنازلات، التي على رئيس الحكومة المكلّف الإلتزام بها بعد أن كان يرفضها بناء على قرار نادي رؤساء الحكومات السابقين.

أبعد من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أن أديب أظهر، طوال الفترة الماضية، أن هناك من يجب أن يأخذ القرار عنه ليتولى هو لاحقاً التنفيذ، سواء كان صاحب القرار الجانب الفرنسي أو نادي رؤساء الحكومات السابقين، حيث تبرز في كل الإتصالات واللقاءات التي تحصل معه معادلة عدم حسم أيّ توجّه قبل إجراء المزيد من المشاورات، وهو ما حصل عملياً خلال اللقاء الذي جمعه، أول من أمس، مع كل من المستشار السياسي لرئيس ​المجلس النيابي​ النائب ​علي حسن خليل​ والمعاون السياسي لأمين عام "​حزب الله​" ​حسين الخليل​.

على هذا الصعيد، توضح المصادر السياسية المطلعة أن اللبنانيين لم يسمعوا من أديب إلا مواقف عمومية لا تقدم ولا تؤخر، بينما سمعوا ممن يمكن وصفهم بـ"الأوصياء" عليه الكثير من المواقف التي تعيق أو تسهل عملية التأليف، وتسأل: "طالما هو يتعامل مع تكليفه على أساس أنه وكيل عن رؤساء الحكومات السابقين، أو عن الحريري شخصياً، لماذا التفاوض أو التعامل معه طالما أن الأصيل موجود ومعروف عنوانه"؟.

وفي حين تشير هذه المصادر إلى أن رئيس الحكومة المكلّف، على ما يبدو، يتعامل على أساس أن عمر حكومته أشهر قليلة، ومهمته تمرير الوقت لتأمين الأرضية المناسبة لعودة الحريري أو أي شخصية أخرى، تلفت إلى أنه في الماضي كان الوزراء يقومون، خلال جلسات ​مجلس الوزراء​، بإتصالات مع مرجعياتهم عند طرح أيّ ملف خلافي أو مهم، وتسأل: "في حال نجاح أديب في مهمته هل سينسحب ذلك على رئيس الحكومة"؟.

في المحصلة، تؤكد المصادر نفسها أن من المبكر الحكم على تجربة رئيس الحكومة المكلف منذ الآن، إلا أنها تشير إلى أن الرجل، على مستوى الأداء، لم يقدّم ما يوحي بأنه قادر على الوقوف بوجه قوى سيّاسية لن تتأخر في السعي إلى الحفاظ على مصالحها، بل على العكس من ذلك أوقع نفسه في موقع المنتظر لما يتم الإتفاق عليه من أجل تنفيذه، بينما ​الدستور​ واضح لناحية المهام الملقاة على عاتقه والصلاحيات التي لديه.