مهما كانت سيئة ​الحكومة​ التي ستؤلف، ستكون أفضل بكثير من حكومة ​تصريف الأعمال​ المستقيلة حتى من تصريف الأعمال.

ومهما كانت غير منتجة الحكومة العتيدة، ستنتج أكثر بكثير من حكومة قرّرت أكثرية وزرائها التصرف مع كل الأزمات التي تضرب ​لبنان​ على قاعدة وكأنها غير معنيّة بما يجري.

ومهما كانت الحكومة المنتظرة من دون هيبة، سيتم التعاطي معها بجدّية أكثر بكثير من حكومة طويت صفحة تعويمها وإعادة إحيائها الى غير رجعة.

لماذا وصلنا الى هذه القناعة؟ لكثير من الأسباب والأمثلة التي لا تعد ولا تحصى.

من هذه الأمثلة، كيف يصدر ​وزير التربية​ ​طارق المجذوب​ قراراً بفتح المدارس امام التلامذة، وبعد دقائق قليلة تصدر أكثر من مدرسة بيانات ترفض فيه الإلتزام بقرار الوزير إنطلاقاً من حرصها وخوفها على صحة التلامذة والأساتذة، معلنة الإستمرار بإعتماد التعلّم عن بعد.

ومن هذه الأمثلة أيضاً كيف يقرّر وزير الداخلية والبلديات ​محمد فهمي​ إقفال ​مدينة البترون​ بسبب إرتفاع عدد إصابات ​كورونا​ فيها وفي اليوم التالي يتمرد على قراره رئيس ​بلدية البترون​ ​مرسيلينو الحرك​ داعياً أصحاب المحال الى فتح مؤسساتهم. وبعد قرار التمرّد هذا، عاد وزير الداخلية وشطب البترون عن لائحة البلدات المقفلة بحجة أخطاء في الداتا التي ترد الى ​وزارة الداخلية والبلديات​ عن أعداد ​الإصابات​ وتوزعها على المناطق.

مثال إضافي عن سيئات حكومة تصريف الأعمال، ما تعانيه الوزارات من تأخير على صعيد إنجاز معاملات المواطنين، فقط لأن عدداً كبيراً من الوزراء يعتبر نفسه مستقيلاً من تصريف الأعمال، لا يأتي الى مكتبه ولا يتابع، والأسوأ كيف أنه يتأخر كثيراً في التوقيع على البريد اليومي، الأمر الذي يجعل معاملات الناس عالقة بسبب الروتين الإداري والإهمال.

غيض من فيض هو ما ذكرناه عن سيئات حكومة تصريف الأعمال. لأنها وعدت اللبنانيين بنتيجة التحقيقات في إنفجار ​المرفأ​ وبمحاسبة المقصّرين والمهملين ولم تف بوعدها، وغيض من فيض أيضاً لأن ​وزارة البيئة​ فيها مثلاً تصرفت منذ اليوم الأول ولا تزال، على قاعدة وكأن لبنان لا يزال البلد الأخضر الذي عرفناه سابقاً، كل ذلك على رغم ما يعانيه من أزمة نفايات لا سيما في ​جبل لبنان​ والعاصمة ​بيروت​.

ولأن ​الوضع المالي​ والإقتصادي الضاغط لم يعد مقبولاً وما من أحد بإمكانه أن يتحمل ما وصلت اليه الأمور، لم تكن خطوة تأجيل الإستشارات النيابية الملزمة الى الخميس المقبل في محلّها، حتى لو كان البعض غير موافق على تسمية رئيس ​تيار المستقبل​ ​سعد الحريري​ ل​تشكيل الحكومة​. ببساطة ليست القضية قضية قناعة بأن الحريري قد ينقذ البلد وهو الذي سبق أن جرّبه ​اللبنانيون​ مرات ثلاث. القضية قضية ثقة بحكومة تريح بعض الشيء اللبنانيين مما يعانون منه على كافة الصعد.