من أبرز إقتراحات القوانين التي أقرها ​المجلس النيابي​، في جلسته أول من أمس، كان إقتراح قانون معجل مكرر يتعلق بتعديل قانون مزاولة مهنة الصيدلة، وذلك من خلال إلغاء الـ"NS" الشرط الذي كان يمنع اقتراح بديل للدواء "جينيريك" بحسب الوصفة الطبية، الأمر الذي يمكن المواطن من الحصول على ​الدواء​ البديل الأوفر في حال أراد ذلك، ويوفر له الدواء الجنريك للأدوية المفقودة ضمن شروط ومعايير واضحة.

في هذا السياق، ينبغي الإشارة إلى أن ​لبنان​ لن يكون ​الدولة​ الأولى التي تذهب إلى هذا الخيار بسبب الظروف الماليّة والإقتصاديّة التي تمرّ بها البلاد، نظراً إلى أنّ معظم الدول تعتمد بنسبة كبيرة على دواء الجينيريك، وبالتالي يمكن القول أن لبنان تأخر في هذه الخطوة التي كانت تمنعها مصالح "الكارتيلات".

وهنا يشدد نقيب الصيادلة غسّان الأمين، في حديث لـ"النشرة"، على أنّ هذا التعديل هو الخطوة الإصلاحية الأولى في قطاع الدواء، ويؤكّد أن الهدف منه هو خدمة المواطن، ويضيف: "في كل ​العالم​ نوعان من الدواء: البراند والجنريك. الأول هو عندما يتم إكتشاف أي دواء يكون له اسم تجاري، بينما الثاني هو الدواء نفسه من حيث التركيبة والمواصفات لكن من دون الإسم التجاري، حيث يصبح من الممكن تصنيعه بهذا الشكل بعد فترة من الزمن".

من جانبه، يشرح عضو ​لجنة الصحة النيابية​ ​فادي علامة​ الذي كان قد تقدم بهذا الإقتراح، في حديث لـ"النشرة"، أن أهم نقطة في التعديل الجديد تكمن بأنه يحترم رأي المواطن في إختيار الدواء الذي يريده من دون أيّ ضغط، بالإضافة إلى أنّه يساعد على تبنّي ​سياسة​ الإعتماد على الجينيريك، مع العلم أنّ حصّة لبنان هي نحو 18% منه بينما يتم الإعتماد على البراند بنسبة 80%.

في هذا الإطار، يوضح الأمين أن نسبة الإعتماد على الجينيريك في ​الولايات المتحدة​ تصل إلى حدود 90% بينما في ​أوروبا​ تصل إلى حدود 72% وفي ​الأردن​ 60%، في حين أن هذا الأمر كان محارباً في لبنان، لكن بعد الإفلاس الذي حصل بدأ التفكير في هذا التوجه، ويؤكد أن ذلك سيعزز دور الصيدلي لأنّ هذا ما يجب أن يقوم به بوصفه الأكثر خبرة بالدواء.

بدوره، يلفت علامة أن هذا الإقتراح يساهم في ترشيد الإنفاق على ​الأدوية​، نظراً إلى أن أسعار أدوية الجينيريك، من حيث المبدأ، أرخص من البراند، الأمر الذي يخفّف أيضاً من الإعتماد على ميزان المدفوعات، بالإضافة إلى أنّه يفتح المجال أمام تعزيز ​الصناعة​ المحلّية للعمل على تعزيز إنتاجها، ويشدد على أن الجينيريك لا يقل أهمية عن البراند بدليل نسبة الإعتماد عليه من قبل الدول الأخرى.

بالنسبة إلى نقيب الصيادلة، مساهمة هذا التعديل في تعزيز الصناعة الوطنيّة تحتاج إلى بعض الوقت، نظراً إلى أنها تطلب أن يكون لدى لبنان سياسة وطنيّة تستطيع أن تؤمّن صناعة الجينيريك بسعر أرخص من البراند، إلا أنه يعتبر أنه خطوة أولى على هذا الصعيد.

السؤال الأساسي الذي من المفترض أن يُطرح في هذا الإطار يكمن بالأسباب التي كانت تحول دون الذهاب إلى مثل هذه الخطوة في الماضي؟!.

حول هذا الموضوع، يشير علامة إلى الكارتيلات التي كانت تمنع ذلك، الأمر الذي يوافق عليه الأمين لكنه يفضّل عدم الدخول فيه في الوقت الراهن.

ويلفت عضو لجنة الصحّة النيابية إلى أنّ قسماً كبيراً من أدوية الجينيريك مسجل في لبنان، لكنه في الدول الأخرى يتم الإعتماد عليه بينما لا يحصل ذلك هنا، ويؤكّد على وجود آليات علمية لتسجيل أيّ دواء في ​وزارة الصحة​ العامة.

في المحصّلة، يشير علامة إلى أنّ هذا التعديل يكمّل المشروع الأساسي الذي هو قانون الدواء، حيث سيكون هناك وكالة وطنيّة له بعد إقراره ضمن وزارة الصحة الّتي ترسم ​السياسة​ الدوائية، ويضيف: "هذه المرة الأولى التي ندخل فيها على قطاع الدواء ولا نراعي الخصوصيات".