في حزيران من العام 2012 دعا أمين عام ​حزب الله​ ​السيد حسن نصر الله​ إلى عقد ​مؤتمر​ تأسيسي لمناقشة ​الأزمة​ ال​لبنان​ية، وفي العام 2013 أيضاً، عندما انطلق الحديث يومها عن حوار وطني جامع في ​قصر بعبدا​، اعتبر البعض أن اطرافاً سياسية تدفع باتّجاه انعقاد مؤتمر تأسيسي جديد، يقود لتغيير النظام. نامت المسألة لتعود وتستيقظ مع بداية العام 2021، من خلال الدعوة التي أطلقها رئيس ​التيار الوطني الحر​ ​جبران باسيل​.

حمل المؤتمر الصحافي الأخير للنائب باسيل عدداً من الملفّات الأساسية والمهمة، على رأسها دعوته إلى حوار وطني ينتج عنه تصوراً لبنانياً مشتركاً لنظام سياسي جديد يضمن الاستقرار في الوطن، ما يعني بطريقة غير مباشرة دعوته للتوجه نحو المؤتمر التأسيسي، الذي نادى به حزب الله منذ 9 سنوات تقريباً.

تُثير عبارة "المؤتمر التأسيسي" الرعب في نفوس أغلب القوى السياسية اللبنانية، فتقسيم الصلاحيات الموجود حالياً سيتغيّر في أي نظام جديد، ما يعني أن المكاسب ستتبدّل، وموازين القوى ليست في صالح من كان المنتصر الأكبر في ​اتفاق الطائف​، كما أنّ البعض يتخوّف من أن يكون أيّ مؤتمر تأسيسي هو بداية لنهاية ​المناصفة​، وبداية للمثالثة في ظلّ الأوضاع الحالية.

تنظر مصادر ​مسيحي​ة معارضة للتيار الوطني الحر إلى دعوة باسيل بعين الريبة، مشيرة عبر "النشرة" إلى أنّه ذهب بعيداً جداً هذه المرّة في تفضيل مصالحه الشخصيّة على المصلحة المسيحيّة، مشدّدة على أنّه يريد تحسين موقعه في ​الحياة​ السياسية اللبنانية بعد أن فقد أي أمل بالوصول إلى ​السلطة​ في ظلّ النظام الحالي، لذلك هو يرغب بفتح باب التغيير لمحاولة الإستفادة من قوة حزب الله وسلاحه لفرض معايير جديدة تخدمه.

وتضيف المصادر المسيحيّة: "أيّ تغيير في النظام الحالي لا يمكن أن يكون إلا على حساب المسيحيين ووجودهم في ​الدولة​ ودورهم في السلطة، بغض النظر عن الأسماء التي تصل إليها، فالخوف هنا لا ينبع من تيار مسيحي معيّن، إنما هو خوف على المصير، خصوصاً في ظلّ هذه الظروف التي يمرّ بها لبنان والتي تجعل وجوده على المحكّ، وبظل الصراعات الإقليميّة التي جعلت المسيحيين ينقرضون في أماكن تواجدهم بحيث لم يبق لهم سوى لبنان".

بالنسبة إلى التيار الوطني الحر فإنّ دعوة باسيل تأتي بعد إعلان وفاة النظام القائم والإعتراف ب​العجز​ عن ابتداع الحلول للأزمات المتكررة، وتشير مصادر "الوطني الحر" إلى أن التغيير بات ضرورة وهذا لا يعني أن هذا التغيير سيكون على حساب المسيحيين، إذ يمكن تطوير النظام الحالي دون نسفه والحفاظ على المناصفة، وإجراء التعديلات التي تمنع أي مكوّن لبناني من استغلال صلاحياته لتعطيل حياة اللبنانيين.

هذا بما يتعلق بالمسيحيين، أما لدى المسلمين فهناك أكثر من وجهة نظر، ففي حين يرى تيار "المستقبل" أن هذه الدعوة مشبوهة وستؤدّي إلى إنفجار جديد في البلد ومزيد من الفوضى، يعتبر الحزب التقدّمي الإشتراكي أنّ فتح الباب أمام هذه المسألة حالياً يعني الإمعان في ضرب اللبنانيين الذين يعانون جرّاء الأزمات العاصفة التي تضربهم.

بالمقابل يجد الفريق الشيعي أن النظام بحاجة ماسّة إلى تطوير، ولكن شرط أن ينطلق هذا التطوير من "توافق اللبنانيين" فيما بينهم، مع ضرورة النظر بهدوء ورويّة إلى فكرة التغيير، والتفكير ملياً بضرورة تطبيق ​إتفاق الطائف​ قبل الحديث عن فشله.