مع بدء إرتفاع سعر صرف الدولار في ​لبنان​ منذ أيلول الماضي تغيّرت حياة اللبنانيين بشكل كبير، وحتى ولو أن الدولار يوازي 1520 ليرة رسمياً، ولكن فعلياً لم يتبقّ شيء يدفعونه على هذا الأساس إلا بعض الخدمات الأساسية ك​الكهرباء​ وفاتورة ​الهاتف​ الأرضي والخليوي وغيرها... حتى في ​المصارف​ إختلف سعر صرف الدولار ليصبح 3900 ليرة.

كلّ هذا ولا زلنا كدولة نجاهر أن الدولار هو على 1520 ليرة حتى الأمس القريب حين خرجت ​وزارة المالية​ وبتاريخ 15 كانون الأول 2021 بقرار صادر عن وزير المالية ​غازي وزني​ يحظّر فيه على أصحاب المهن التجارية والصناعية وغير التجارية وأصحاب ​المهن الحرة​ اصدار فواتير الى المستهلكين بغير ​الليرة اللبنانية​ استنادا الى المادة 25 من قانون المستهلك بما فيها ​الضريبة​ على ​القيمة المضافة​. فماذا يعني ذلك؟.

المرسوم 7308

يعني وبحسب مصادر مطلعة أن "وزارة المالية نسفت المرسوم الذي يحمل رقم 7308 الصادر بتاريخ 28/1/2002 المتعلق بتاريخ استحقاق الضريبة واساس فرض الضريبة، ويقول: في حال كان ثمن الخدمة أو المال محددا بعملة أجنبية لاحتساب اساس فرض الضريبة على الخاضع للضريبة أن يحوّل هذا المبلغ الى الليرة وفقاً لسعر الصرف الرسمي المعتمد بتاريخ إتمام العملية وتقديم الخدمة"، وتشير المصادر الى أن "وزير المال السابق ​محمد الصفدي​ كان بتاريخ 21/1/2012 اصدر تعميما يتعلق باحتساب الضريبة على القيمة المضافة، اشار فيه الى انه وفي حال كان ثمن الخدمة او المال محددا بعملة أجنبية، فعلى الخاضع للضريبة اعتماد السعر الوسطي الرسمي الصادر عن ​مصرف لبنان​ في اليوم السابق لاصدار الفاتورة".

تشريع السوق السوداء

تضيف المصادر: "حالياً إختلف الحال فهناك عدّة أسعار للدولار: السعر الرسمي، سعر المصارف (المنصّة) والسوق السوداء"، لافتةً الى أن "وزارة المالية إختارت وباعلانها هذا الذي أصدرته نقل استيفاء الضريبة على القيمة المضافة من السعر الرسمي 1$=1520 ليرة الى 1$ الّذي يساوي السعر المحدد في السوق السوداء، أي أنها ستفيه على 8000 ليرة للدولار الواحد وما فوق بحسب حركته في السوق السوداء"... فما تأثير ذلك على المواطنين؟.

تشرح المصادر أن "القسم الأكبر من الأنشطة الخاصة يخضع للضريبة على القيمة المضافة باستثناء ​التأمين​، المصارف، الشركات كشركات الدواء... وهي معفاة من الضريبة على القيمة المضافة، لكن من تكون قيمة فواتيره 100 مليون ليرة فيجب أن يصرح عنها لوزارة الماليّة ويدفع ​الضرائب​"، لافتة الى أنه وفي السابق كانت المئة مليون = 66 الف دولار و660$ أما حالياً وبحسب التعميم المئة مليون= تقريباً 12 الف دولار (حسب السوق السوداء)"، مشيرة الى أن "هذا الامر يعني أن كلّ مالك شركة صغيرة مثلا كدكّان، ميكانيكي وكل أصحاب المهن الذين لا يتجاوز دخلهم 100 مليون ليرة بات واجباً عليهم أن يدفعوا ضريبة على القيمة المضافة ووزارة الماليّة ستجبي منهم الضريبة أيضا بحسب السوق السوداء".

وزارة المالية تشرح

هنا يؤكد مدير عام وزراة المالية جورج معراوي عبر "النشرة" أنّ "المرسوم الذي يحمل رقم 7308 وفي المادة 18 منه اشار الى أنه "اذا كانت الفواتير بالعملة الأجنبية تستوفى الضريبة على القيمة المضافة حسب سعر الصرف الرسمي، ولكن من قال إن هذه الفواتير ستكون للمستهلك النهائي"، مضيفا: "في قانون الضريبة على القيمة المضافة كل الفواتير قبل آخر عملية يمكن ان تكون بأي عملة باستثناء الفاتورة النهائيّة فهي هنا وجب أن تتم بحسب قانون 25 من حماية المستهلك أي بالليرة بما فيها الضريبة على القيمة المضافة".

زيادة نسبة التضخم

تشدّد المصادر على أن "هذا الإجراء سيزيد من نسبة التضخّم، وسينعكس سلباً على المواطن الذي كان سابقاً يدفع الفاتورة على الشكل التالي:

1000 دولار= 8 مليون ليرة/ TVA: 11%= 110$= 165 الف ليرة. فتصبح قيمة الفاتورة: 8 مليون+165000= 8165000 ليرة.

بحسب التعميم الجديد: 1000 دولار= 8 مليون ليرة/ TVA: 11%= 800.000 ليرة (حسب السوق السوداء). فتصبح قيمة الفاتورة: 8 مليون+800.000= 8 مليون و800 الف ليرة.

الدولة مقابل المواطن

ترى المصادر أن "وزارة المالية شرّعت السوق السوداء بالاعلام الذي أصدره وزير الماليّة غازي وزني"، والذي يحمل رقم 114 وفي مضمونه ألغى نص المادة 18 من المرسوم 7308"، معتبرة أن " الغاء نص ورد بمرسوم لا يُلغى أو يُعدل إلا بموجب مرسوم آخر وليس بقرار وزير"، لافتة الى أنه "وبهذا الشكل رفعت الدولة من مداخيلها ورفعت من ايراداتها من جباية الضرائب وفي نفس الوقت فرضت على المواطن أن يدفع ثمن عدم قدرتها على ضبط سعر الدولار في السوق السوداء".

مرّة جديدة يدفع المواطن ثمن ضعف الدولة وعدم قدرتها على ضبط سعر صرف الدولار، ولكن المؤسف أن وزارة المالية لم تعترف بهذا التعميم بسعر المصارف أيّ 3900 ليرة بل تعدّته الى السوق المتفلّت للعملة الوطنيّة التي كلما ارتفع سعر الدولار فيها تصاعدت الضرائب على الناس!.