اعتبر الأمين العام ل​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​، بمناسبة "يوم الجريح المقاوم"، أنه خلال مسؤوليتنا الطويلة منذ عام 1982، عدد الجرحى أكبر بكثير من عدد الشهداء، صبروا وصمدوا وكانوا أهل الوفاء، ولم يتخلفوا عن هذه المسيرة لحظة واحدة على الإطلاق في مختلف ​الميادين​، العسكرية أو الثقافية أو النقابية أو غيرها وهم موجودون بكل مساحات العمل ويعبرون عن مواصلتهم للطريق بشتى الوسائل، بالإضافة الى الجرحى المدنيين في الإعتداءات ال​إسرائيل​ية أو التكفيرية أو السيارات المفخخة، ويوما بعد يوم يعرف الجرحى كما عوائل الشهداء ومؤيدي المسيرة، وعيا وإيمانا بأن المكان الذي أصيبوا فيه ثمنا لهذا الموقف كان صحيحا".

وأضاف في كلمة له بالمناسبة: "يوما بعد يوم تتبين حقيقة ​الجماعات التكفيرية​ وحقيقة من يديرها ويدعمها، وأتمنى الأخذ بعين الإعتبار ما تم تسريبه أمس من قبل الإخوة في ​اليمن​ أن رئيس ​المخابرات الأميركية​ يهتم شخصيا بأحد قادة القاعدة في اليمن وكان يتصل بالرئيس اليمني السابق ويطلب إخلاء سبيله، وتسليمه لجماعته وهذا ما حصل، وبعد مدة قام بتنفيذ العديد من العمليات ثم عندما انتهوا منه قتلوه، ووثائق جديدة أيضا عن تجنيد ​سجناء​ في ​العراق​ وتأسيس داعش، ودور المخابرات الأميركية بتشكيلها بالإضافة ل​جبهة النصرة​، ودورهم بإطلاق سراح معتقلي قسد، والمجيئ ببعضهم عند قاعدة التنف، إذا نحن لسنان أمام جماعة إسلامية، بل أمام ​جماعات إرهابية​ تكفيرية مسلحة تشكيلها ودعمها تسليحها من قبل الإدارات الأميركية لتدمير الشعوب والمجتمعات ولتمكين الهيمنة الأميركية على ​العالم​ وتصبح إسرائيل الملاذ ودرة التاج في ​الشرق الأوسط​".

واعتبر السيد نصرالله أن "لبنان في قلب أزمة وطنية حقيقية كبرى، أزمة سياسية مالية وإقتصادية، وأزمة نظام وغيرها، وعندما نريد أن نقارب أوضاعنا، يجب أن نحتفظ بالألم والغضب والإنفعال لكن لا يجب أن ننسى أننا يجب أن نتصرف بمسؤولية، والتصرفات التي لا تخدم الا المزايدات لا توصل الى أي مكان، ولا يجب تعطيل العقل، بل التصرف بمسؤولية وعقلانية وإنسانية، وبناء عليه، يجب أن نضع سقفا ونحن نتحدث عن الحلول ووسائل الضغط، ونحن ملتزمون بهذا السقف ولا يجب أن نصل اليه إطلاقا، وهو عدم الوصول الى حرب أهلية واقتتال داخلي خصوصا أن هناك من يعمل على حرب أهلية في لبنان كما أفغانستان وسوريا والعراق واليمن، وعندما عجزوا أمام المقاومة قد يلجأون الى هذا القرار، في السابق فشلوا بالحرب الأهلية في لبنان، ولا يجوز تحت عنوان الأزمة الإقتصادية وأزمة الدولار وتشكيل الحكومة أن نسمح لأحد أن يدفع البلد لحرب أهلية أو اقتتال داخلي، ومن يقول أننا فقط نحن من يملك السلاح هو خطأ وكذبة، فالحرب الأهلية لا تحتاج صواريخ دقيقة، بل بالبنادق والأسلحة المتوسطة والمضادات وكل ذلك موجود عند أغلب اللبنانيين، كل الناس لديها سلاح، في القرى والمدن".

ولفت السيد نصرالله الى أن "هناك معلومات أكيدة أن هناك جهات خارجية وبعضها داخلية تدفع للحرب الأهلية، وحتى الآن وعي اللبنانيين وتحملهم المسؤولية منع ذلك لكن الخطر قائم، والكثيرون يقولون بأن حزب الله يمتلك قوة كبيرة جدا وعليكم فرض الحلول بالسلاح، هذا الكلام خطأ ويؤدي لحرب أهلية، ولا يجب أن يحكى هذا الكلام في البلد، وهو غير مقبول، وهذا كلام للمزايدات، نحن حزب الله لسنا في وارد اللجوء الى السلاح من أجل إصلاح في الدولة أو تشكيل حكومة أو محاربة الفساد لأن لها أدوات مختلفة".

وأضاف: "نحن نحتاج الهدوء لتشخيص أزمتنا لمعرفة العلاج، لأن التشخيص الخاطئ يؤدي لعلاج خاطئ بمعالجات لا تؤدي الى نتيجة، واليوم في لبنان تارة نريد مقاربة للأزمة لأننا نفتش على حل للناس، وتارة أخرى لإضعاف خصومك السياسيين والمزايدة على الآخرين، وهناك من الصنفين، الصنف الأو هو من يقول للناس الأخبار الحقيقية دون كذب وخداع، والصنف الثاني هو من يضع السبب في مكان واحد لتصفية حسابات مع مكان واحد، ويحمل كل المسؤوليات عليه، هذا يصفي حسابا ولا يعالج الأزمة".

وتابع: "نحن جزء من أصحاب المسؤولية الأخلاقية والوطنية تجاه أناسنا، فالأزمة لها مجموعة أسباب يجب معالجتها كلها لنستطيع معالجة الأزمة، الديون والوضع الإقتصادي لها مجموعة أسباب أوصلتنا الى هنا، والسياسات الإقتصادية والمالية المتبعة وضرب القطاعات المنتجة الزراعية والصناعية، والرهان على التسويات السياسية الإقليمية، و​سياسة​ الإقتراض من الخارج، مليارات الدولارات التي سرقت، النزاعات السياسية في البلد، الحروب الإسرائيلية على لبنان، الإحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية لعقود من الزمن، المشروع الأميركي بالمنطقة وحروبه من 2003 لليوم، وبالخصوص الحرب الكونية بإدارة أميركا على سوريا، جميعها كان له تبعات على لبنان، ملايين النازحين السوريين للبنان، تهريب الأموال الى الخارج، تجميد الودائع في البنوك، انفجار المرفأ، الحراك الذي بدأ في 17 تشرين وعدم الثقة بالبلد وجعل الإستثمارات تتعطل، ومن الأسباب الثغرات بنظامنا السياسي وصعوبة معالجتها، الضغوط الأميركية على لبنان خصوصا بالآونة الأخيرة وإخافة لبنان من الذهاب الى خيارات اقتصادية معينة، بالإضافة الى أسباب أخرى، ولكن كل سبب من هذه الأسباب له تأثير بإحداث هذه الأزمة".

ولفت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته الى أن "هناك من يقول أن تسليم حزب الله لسلاحه يحل الأزمة، وهذا ظلم وافتراء، وعندما تحمل الأزمة الإقتصادية لجهة معينة، أسأل: هل نحن من سرقنا ؟ هل نحن من أفسدنا؟ هل نحن من أقفلنا الحدود ؟ هل نحن من قمنا بالهندسات المالية؟ هذا غير مقبول وهو ظلم. نعم هناك أسباب عديدة أوصلتنا الى ما نحن عليه، وعلينا أن نضع خططا لنتجاوز هذه الأزمة، وإن كانت الأسباب ستبقى موجودة، لن يكون هناك حل".

وشدد على أنه "بمقاربة المعالجات هناك حدين، حد اليأس، فاليأس غير مقبول، وكذلك بث اليأس في نفوس الشعب، حتى رغم الأوضاع الصعبة جدا، والحد الثاني هو عدم زرع الأوهام في نفوس الناس، وهذه الأزمة التي هي نتيجة عشرات السنين، لا تتعالج بسنة وسنتين، ولا يجب وعد الناس بذلك، ولا يجب تبسيط الأمور كالقول للناس أن الحل هو بتشكيل حكومة، بل هي فقط خطوة أولى بمسار طويل جدا لنصل لحلول، ونحن بحاجة لخطوات جبارة وكبيرة جدا، منها مكافحة الفساد والتدقيق الجنائي وغيرها من الإصلاحات".

وأضاف: "إن بقيت الإدارة وإدارة العمل والتلزيمات والقضاء والمراقبة والمحاسبة، ستسرق القروض والأموال ولن نكون أمام الإنفراج والحل بل نزداد مديونية، ونحن أمام وضع متكامل، وهناك سلة متكاملة عبر الإصلاح الإداري والمالي وسد الثغرات والخطط لنواجه المرحلة المقبلة".

بموضوع تشكيل الحكومة، أوضح أنه "نحن قبلنا بحكومة اختصاصيين غير حزبيين وقبلنا بكل الشروط، والآن أقول إن زار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعبدا والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واتفقا على الحكومة نحن نسير معهما، وما سأتكلم به لا يلغي ذلك، ومن باب النصيحة للحريري، أقول أن حكومة مطلوب منها مهام بهذا الحجم وخطوات كبيرة وجبارة وتحتاج الى جرأة، فلماذا لم نذهب الى الصين؟ هم قالوا أنهم جاهزون لاستثمار 12 مليار دولار، وهناك من هم خائفون من الأميركي بموضوع الذهاب الى الصين، وخصوصا أن الرئيس الأميركي جو بايدن أولوية معركته مع الصين، والروس جاهزون، والإيرانيون جاهزون لبيعنا نفطا بالليرة اللبنانية، ومصادرنا من مصرف لبنان تقول بأننا لا يمكننا استيراد النفط من إيران بالليرة اللبنانية خوفا من العقوبات".

وتابع: "المطلوب حكومة لها أكتاف تتخذ قرارا بالذهاب الى الصين أو روسيا أو الى إيران ان استلزم الأمر، وهناك رهان على صندوق النقد، وهناك فقط قرض أي ديون وليست مساعدات، وقد تضطر الحكومة العتيدة الى التفاوض مع صندوق النقد، وهناك جهة تقول بأننا جاهزون لأي شرط في صندوق النقد، ووجهة نظر ثانية تريد التفاوض على الشروط، ويجب أن يكون الأمر واضحا لدى الشعب، فإن طلب صندوق النقد رفع الدعم عن كل شيئ لا يمكن أن يتحمله الشعب اللبناني، كالإرتفاع الكبير بالأسعار، وتحرير سعر العملة قد يرفع سعر الدولار الى أكثر من 15 الف ليرة، وقد يطلب صندوق النقد القاء عشرات آلاف الموظفين في الدولة في الشارع، وما أريد أن أصل اليه أنه: حل حكومة الإختصاصيين تستطيع اتخاذ هكذا قرارات ؟".

وتابع: "ما أريد أنصحه للحريري كي لا تسقط حكومته بالشارع، أنك تريد حكومة تشيل معك كتفا، وكرة النار إن لم تتحملها قد تحرقك وتحرق البلد، وأقول: أعيدوا النظر بطبيعة الحكومة وهويتها، وقم أيها الرئيس المكلف بالإتيان بحكومة تكنوسياسية ولا تسمح لأحد بالهروب من المسؤولية، ويجب أن يحاكم من يهرب من المسؤولية، تعال بحكومة بهويتها السياسية الواضحة وبإسمها الواضح، لأن حكومة الإختصاصيين إن لم تحميها الكتل السياسية لا يمكن أن تصمد".

وشدد على أنه "لا يجب الهروب من المسؤولية بل يجب المحافظة على شعبنا وبلدنا، نحن موافقون بحكومة أخصائيين، لكن هذه الحكومة لن تصمد ولن تستطيع أن تأخذ قرارات كبيرة وجريئة، لكن نطالب بحكومة سياسية "، وتابع: "يجب التكلم بالخيارات".

وبالحلول: "دعوة جميع القوى السياسية لتوظيف قوتها الداخلية والخارجية للمساعدة، وعلى الجميع أن يساعد ناسه وأهله وحزبه وطائفته وناخبيه، وتوظيف العلاقات مع التجار والمؤسسات والدول التي قد تساعد الناس، وبدلا من الإستفادة من العلاقات لتصفية الحسابات يجب المساعدة في إخراج أهلنا من المأزق، وأنا تكلمت مع المسؤولين الإيرانيين وأقول مجددا، نحن لدينا صديق اسمه إيران تفضل يا لبنان، فيول غاز بنزين مازوت، اشتر بالليرة اللبنانية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإن أتينا بها بالليرة سيؤثر بشكل إيجابي جدا، وإن كان هناك أمر آخر نستطيع أن نقوم به نحن جاهزون تحت سقف القانون، وأي أحد يستطيع أن يأتي بمساعدة من أي دولة فليأت بها".

ولفت السيد نصرالله الى أنه "بحال استمر التأزيم بتشكيل الحكومة، لدينا حلين، الخيار الأول هو العودة الى تفعيل حكومة تصريف الأعمال، لأنه لا يمكن أن يكون "لا أحد مسؤول" عن الوضع، لأننا في الأسبوع الذي مضى في بلد لا يوجد فيه مسؤول، ولا يمكننا أن نكمل ذلك، وحسان دياب هو رجل وطني ولا يجب أن يضع شروطا، وإن كان هناك إجتهاد دستوري فمسؤوليتك يا رئيس حكومة تصريف الأعمال جمع الحكومة وتحمال المسؤولية، والحل الثاني هو البحث عن حل دستوري، ولا يمكننا أن نبقى على هذا الحال، وأنا لا أقدم حل معين كالحل الزمني، لكن يجب أن نبحث عن حل دستوري دقيق وهناك أفكار لدينا بحاجة الى نقاش، ويجب أن نجد حلا قانونيا ودستوريا لعدم تشكيل حكومة خلال أشهر، وجب أن نبحث عن حل يحفظ التوازنات، وهذا الباب يجب أن يسمح لنا بطرقه".

وشدد في كلمته على أن "هناك من يتحمل ارتفاع سعر صرف الدولار وهو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو يتحمل مسؤولية كبرى بالحفاظ على سعر صرف الليرة اللبنانية، وبعلاقاتك ايها الحاكم وبصلاحياتك يجب أن تقوم بشيئ، وأنا أعرف وأنت تعرف أنك تستطيع أن تقوم بشيئ لوقف ارتفاع الدولار، ومسؤوليتك أن لا يرتفع الدولار، وما يحصل غير مقبول وهو جشع ومؤامرات، بالحكومة المستقيلة صار هناك جدل كبير حول التجديد للحاكم، وقيل وقتها أنه إن أزلنا الحاكم سيصبح الدولار 10 و15 الف ليرة، ومبرر وجودك أن تحمي العملة الوطنية، وإن لم تقم بمسؤوليتك، لا معنى لبقائك في هذه المسؤولية، وإن لم تستطع قل للناس لا أستطيع، وبهذه النقطة، تحمل مسؤوليتك، ومن مسؤوليتك انخفاض الدولار ومسؤوليتك أن لا يعاود الإرتفاع".

واعتبر الأمين العام لحزب الله، أن "موضوع قطع الطرقات لا يخدم بحل الأزمة بل يعمقها، لأنك تقطع الطريق على الموظف والعامل والمزارع، أنت يا قاطع الطريق تجيع الناس وتميت الناس وتضع البلد على فوهة الحرب الأهلية، وأنت تذل الناس وهذا الذل غير مقبول، هناك من الطيبين، الا أن من يقطع الطريق يشارك بعمل مشبوه ونحن نقول للناس اصبروا، وندائي لكل الناس الذين يقطعون الطريق أن هذا لا يغني فقيرا ولا يؤمن فرصة عمل لأحد، وبذلك لا تضغطون على السياسيين على الإطلاق، والحل هو بمبادرة عدم قطع الطرقات، وواجب القوى الأمنية والجيش اللبناني فتح الطرقات، والتواصل مع القوى السياسية، وإن لم توصل الأمور الى محل، للبحث صلة، فالأمور وصلت الى مكان غير مقبول على الإطلاق".

وفيما يتعلق بحزب الله، أكد السيد نصرالله أنه "مما يجب أن أكثر من 80% من العاملين في حزب الله لا يتقاضون راتبا، و80% من حزب الله هم من عناص التعبئة، وهم متطوعون، ويدفعون من جيوبهم ليذهبوا للتدريب، وهناك جزء كبير جدا من المتطوعون، وهؤلاء هم كبقية المتأثرين بالأزمة، وحتى أن هناك الكثير من العاملين في المؤسسات التابعة لنا من كان يتقاضى راتبا بالليرة اللبنانية، وظل كذلك، ونعم هناك من كان يتقاضى بالدولار، وكان بعض الناس في السابق يسخرون من الرواتب المتدنية لهؤلاء، وهم اليوم يحاولون سد ديونهم، وأنا أعرف حجم ديون الإخوة والأخوات، وهي ليست ديون ترف، وكثير من هؤلاء الإخوة بادروا بالتبرع من أجزاء من رواتبهم، ويساعدون أقاربهم وأصدقائهم ومحيطهم، وأنا أوجه خطابي للشريحة التي تتقاضى راتبها بالدولار، أدعوهم اعتماد طريقين، الأول المبادرة الى الأرحام والأقارب بالمساعدة، وثم الجيران، والخيار الثاني هو أننا قررنا أن نقيم صندوقا داخليا، يتبرع الإخوة الذين يتقاضون بالدولار بالتبرع بالصندوق لمساعدة الفقراء. بالإضافة الى ذلك، نحن كحزب الله نحن سنفعل ما يمكننا أن نفعله".

وتابع في السياق: "للآن نحن مصرون أن الوضع يجب أن يتعالج بالدولة والمؤسسات والقانون، وهذا هو المسار الطبيعي والحقيقي، ونحن لا سمح الله إن أصبحت البلاد أمام جوع حقيقي فإننا سنتحرك لكن مسار خارج الدولة والقانون، لن أقول ما هو كي لا ندخل بسجالات، لكن أتمنى أن لا نصل الى هذه المرحلة، لكننا لن نتخلى عن مسؤولياتنا".