عندما اعلنت ​وزارة الصحة​ عن الاتجاه الى شراء كميات كبيرة من لقاح "بفايزر" لتلقيح الشريحة الاوسع من اللبنانيين لتوفير المناعة المجتمعية ضد جائحة "كورونا"، كان مجلس ​نقابة محرري الصحافة​ اللبنانية اول من بادر في الثامن من كانون الاول ٢٠٢٠ الى الاجتماع بوزير الصحة الدكتور ​حمد حسن​ في مكتبه بالوزارة، وبيّن له الدور الكبير الذي يضطلع به الصحافيون والاعلاميون في مواكبة نشاط الوزارة واللجنة الوطنية للكورونا، والاضاءة على الجائحة ومخاطرها، والاضاءة على سبل الوقاية. ممّا يحتم توفير ​اللقاح​ لهم، ولاسيّما للمراسلين الذين هم الاكثر عرضة للخطر، وعلى تماس يومي معه، كالطواقم الطبية والتمريضية. وقد كان وزير الصحة متجاوبًا وقال ان الصحافيين والاعلاميين سيكونون مشمولين بالاولوية بحسب ​منظمة الصحة العالمية​ الذين اعتبرتهم ضمن فئة الـ"front liners"ـ

بعد ذلك عقد اجتماع في مكتب وزيرة الاعلام ​منال عبد الصمد​ وبدعوة منها ضم نقيبي الصحافة والمحررين ورئيس المجلس الوطني للاعلام، تم خلاله الاتفاق على ان تتقدم النقابات والجمعيات والمجلس الوطني ووزارة الاعلام والمؤسسات الاعلاميّة لوائح باسماء من يرغب من اعضائها في تلقّي اللقاح. وقد انجزت هذه الهيئات لوائحها وسلمتها الى الوزارة التي رفعتها بدورها الى اللجنة الوطنية للكورونا ووزارة الصحة.

وعد تعثر

في ١٥ شباط ٢٠٢١ ادلى الوزير حسن بتصريح في مستشفى الياس الهراوي الحكومي بزحلة تحت عنوان: "تلقيح الصحافيين الاسبوع المقبل"، وهذا يعني ان التلقيح كان يجب ان يبدأ في ٢٢ شباط ٢٠٢١. خصوصا ان نقابة المحررين قد تلقت اتصالا من مستشار الوزير، بعد هذا التصريح مباشرة أكّد فيه مضمونه، داعيا للاستعداد لتلقي اللقاح في الوقت المحدّد، وقال ممازحا "هَيّوا زنودكم". وقد نشرت النقابة في حينه بيانا بهذا الصدد بموافقة المستشار.

ما الذي حصل؟

الا ان المفاجأة جاءت من بعض الاصوات الاعلاميّة المحدودة التي اعلنت فيها رفضها لان يكون للصحافيين والاعلاميين الاولويّة في تلقّي اللقاح لسبب او لآخر، لكن ما أثّر سلبا على الموضوع هي الضجة التي اثيرت في وسائل التواصل الاجتماعي حول تلقيح عدد من النواب، وردّة فعل ​رئاسة الحكومة​ ورئيس اللجنة الوطنية لكورونا، اللذين تدخلا لدى ​البنك الدولي​ للضغط لإلغاء لائحة الاولويات، باستثناء الطواقم الطبية والتمريضية والصحية. وهكذا حرم الاعلاميون من الاولوية التي كانوا في صلبها. وكانوا كالعادة هم الضحيّة.

ثم جرى اجتماع بين مكتب مجلس نقابة المحررين ووزير الصحة الذي اوضح الالتباس الحاصل، واعدا بحلّ الامر مع بداية وصول لقاح " استرازينيكا". لكن ما اثير طبيا وصحيا على مستوى عالمي حول اهلية هذا اللقاح وفاعليته وآثاره الجانبيّة، اعاد المسألة الى المربّع الاول. وغاب المعنيون بالملف عن السمع، الى ان عاود مستشار الوزير الاتصال بنقابة المحررين وابلغ ان الاعلاميين ممن تتجاوز اعمارهم ٥٥ عاما سيتلقون اللقاح "بفايزر" ابتداء من اوائل نيسان المقبل.

اوساط في مجلس نقابة المحررين قالت لـ"النشرة" ان الاعلاميين مثل توما، وباتوا لا يصدقون اذا لم يلمسوا لمس اليد. انهم لا يرون هذه الخطوة مكتملة اذا لم تشمل جميع المسجّلين على المنصّة من دون سن الـ٥٥ عاما وعلى لوائح نقاباتهم ومؤسساتهم. ليتلقّوا اللقاح الى جانب زملائهم الذين يكبرونهم سنا وفي توقيت واحد. وقد طالبت النقابة، كما العديد من الزملاء وزير الصحة شمول الزملاء المراسلين على الارض بالمرحلة التالية الخاصة بمن هم فوق الـ٥٥ عاما. وفي انتظار الجواب كلمة واحدة توجّه للمسؤولين عن هذا الموضوع: الصحافيون عملوا ماعليهم. والان عليكم ان تعملوا ما عليكم.