فجأةً أثيرت مسألة الحدود الشمالية للمنطقة الاقتصادية البحرية للبنان، الحدود التي يتشارك لبنان وسورية فيها، وانطلقت أبواق تيار "المستقبل" و"​القوات اللبنانية​" وسواهما، تدعو إلى مواجهة سورية في المحافل الدولية، إثر إتهام الجارة الأقرب، من قبل أصحاب الأبواق المذكورة، بأنها “اغتصبت مساحة 750 كلم2 من ​المياه​ الإقليمية اللبنانية". ويكشف مرجع وقطب نيابي، أن إثارة هذه المسألة في الوقت الراهن، تمت بناءً لأوامر أميركيةٍ، للتعمية على مطالبة لبنان بحقه في المنطقة الإقتصادية الخالصة في ​الجنوب​، الممتدة ما بين الخطين 23 و 29، التي تبلغ مساحتها 1430 كلم 2، جازماً أن لبنان آيل إلى تثبيت حقه في ​الأمم المتحدة​، لمنع العدو ال​إسرائيل​ي، من ​التنقيب​ على ​الغاز الطبيعي​ في المنطقة المذكورة، قبل ​ترسيم الحدود​ مع لبنان، بالتالي الحفاظ على حقه وثرواته الطبيعية .

وفي هذا الصدد، يؤكد المرجع النيابي أن اقتراح تعديل المرسوم المتعلّق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة على الحدود الجنوبية مع ​فلسطين المحتلة​، سيسلك طريقه القانونية، بعد توقيعه من قبل وزير الأشغال والنقل ​ميشال نجار​، الذي إستمهل لدراسة هذا الاقتراح، المرفوع من قِبل وزيرة الدفاع، بعدما قدّم ​الجيش​ شرحاً مفصلاً حوله. وقد تم الاتفاق في إجتماعٍ عقد في السرايا الكبيرة، في الأيام القليلة الفائتة، ترأسه رئيس ​حكومة​ ​تصريف الأعمال​ ​حسان دياب​، وشارك فيه كل من: وزراء الدفاع والأشغال والخارجية، ​زينة عكر​ وميشال نجار و​شربل وهبة​، وعضوا الوفد المفاوض المعني بترسيم ​الحدود البحرية​، العميد بسام ياسين والعقيد مازن بصبوص، على قيام وزير الأشغال بدراسته بـ«السرعة القصوى»، تمهيداً لاستكمال الملف وتوقيعه من قبل وزيري الدفاع والأشغال، ومن ثم يصار إلى عرضه على دياب لتوقيعه وإحالته إلى ​رئاسة الجمهورية​، من أجل إصدار الموافقة الاستثنائية المطلوبة عليه، ثم إرساله إلى الأمم المتحدة.

ويحذّر المرجع مختلف الجهات من التفريط في حقوق لبنان، وثرواته الطبيعية، متوقعاً أن يقوم وزير الأشغال بواجبه الوطني، على حد تعبير المرجع. ويستهجن إثارة مسألة الحدود البحرية الشمالية مع سورية، في هذا التوقيت بالذات، و محاولة ربط بعض الجهات اللبنانية هذه المسألة، باقتراح تعديل المرسوم المتعلّق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة على الحدود الجنوبية، أي "وضع سورية في مصاف العدو الإسرائيلي".

ويختم المرجع بالقول : " لا يجوز أن تستمر العلاقات الثنائية اللبنانية - السورية، على هذا النحو، أي إستمرار شبه القطيعة بين لبنان الرسمي ودمشق، مادامت سورية دولة صديقة، وبيننا تمثيل دبلوماسي. كذلك هناك أيضاً ​المجلس الأعلى اللبناني​ – السوري، الناظم للعلاقات اللبنانية – السورية، لذا من واجب الجهات الرسمية، الجلوس الى طاولةٍ مشتركةٍ مع الجانب السوري، لحل أي خلاف، لطالما أن سورية، كانت ولاتزال مستعدة للتفاهم على مختلف القضايا العالقة".

وفي السياق عينه، يعتبر مرجع في العلاقات الدولية، أن ما قد يعوق توقيع المرسوم المذكور آنفاً، هو تخوف الوزراء المعنيين، من الغضب الأميركي عليهم، في حال إقدامهم على توقيع هذا المرسوم. وعن إمكان تخطي هؤلاء الوزراء، لحاجز الخوف من ​واشنطن​، يقول المرجع : "بدك تشوف حاجز المصالح أولاً". ويختم بالقول : "لاريب أن توقيع المرسوم، وإيداعه لدى الأمم المتحدة، لمنع "إسرائيل" من سرقة الثروة اللبنانية، هو نقلة نوعية في إقامة لبنان لعلاقاته مع الجهات الدولية، ويأتي ذلك أيضاً، إستجابةً لمبادئ القانون الدولي العام". ولكن ما يثير الريبة، هو إحتمال إقدام الوزراء المعنيين بالتوقيع على المرسوم المذكور، أو أحدهم، على تمييع هذه المسألة، من خلال المماطلة "بالتوقيع"، وهنا ينبّه مسؤول قريب من موقع القرار في ​حزب الله​، الى ضرورة توقيع هذا المرسوم، وإيداعه لدى الدوائر المختصة في الأمم المتحدة في غضون خمسة أيام كحدٍ أقصى، قبل توجه الشركة اليونانية Energean ، الى بدء التنقيب في حقل كاريش في المنطقة البحرية المتداخلة بين لبنان وفلسطين المحتلة، الذي يبعد أربعة كيلومترات عن خط النقطة 23 في المنطقة البحرية الجنوبية، وأما بغير ذلك، "منكون أكلنا الضرب"، على حد قول المرجع. ويعتبر أن إثارة مسألة الحدود الشمالية مع سورية، هي للتعمية على تعديل المرسوم المتعلق بالحدود الجنوبية، بناء لتعليمات أميركية.

ويختم بالقول : "ما بيطلع منها شي". وفي هذا الصدد تؤكد مصادر سياسية سورية، أن إثارة مسألة ترسيم الحدود البحرية الشمالية، من بعض الجهات اللبنانية، وتصويرها على أنها قضية خلافية، الهدف من وراء ذلك، هو إقفال اي باب، لإعادة تفعيل العلاقات الثنائية اللبنانية- السورية، خصوصاً بعدما سلكت قضية عودة ​النازحين السوريين​ الموجودين في الأراضي اللبنانية، الى بلادهم ، الطريق السليم، وباتت مسالة عودتهم جدية وقريبة، تختم المصادر.

وسط هذه الأجواء، ومحاولة بعض الجهات الداخلية، عرقلة أي تفاهم بين ​بيروت​ ودمشق، لا بل محاولة ضرب العلاقات الثنائية بينهما، بادر ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ الى الإتصال بنظيره السوري، الرئيس ​بشار الأسد​، ومهّد ذلك الى عرض لبنان التفاوض مع سورية. ويكشف مرجع ناشط على خط الإتصالات اللبنانية – السورية، أن إتصال عون – الأسد، أعاد تنشيط الإتصالات بين وزارتي الخارجية اللبنانية والسورية، وتبعاً لذلك سيلتقي ​وزير الخارجية​ اللبنانية شربل وهبة، ​السفير السوري​ في بيروت ​علي عبد الكريم علي​ الثلاثاء المقبل، تمهيداً لبدء عملية التفاوض بين الجانبين اللبناني والسوري، لترسيم الحدود البحرية الشمالية، وبذلك وجّه رئيس الجمهوية صفعةً كبيرة ل​منظومة​ العداء لسورية، يختم المرجع.