لبست ​فلسطين​ ثوب ​المقاومة​ لتتجلى في ابهى صورها من باب العامود في ​القدس​ الى ​الخليل​ الى الضفة وغزه لتبدو كالبنيان المرصوص منتفضة ضد ​الاحتلال الاسرائيلي​ في مشهد جسد ​اللحمة​ الفلسطينية التي اربكت ادارة العدو الصهيوني بكل مفاصلها بعدما ايقن ​العدو الاسرائيلي​ ان المقدسيين بانتفاضتهم استطاعوا قلب الطاولة وتغيير المعادلة التي ظن انها ستبقى سائده.

ان المعادلة الاسرائيلية التي كانت قائمة بفرض الرقابة التفصيلية لتحركات كل من يمر أو يجلس على مدرج باب العامود لم تمنع المقدسيين من الانتفاض ومن باب العامود تحديداً تعبيراً عن رفضهم لاجراءات سلطات الاحتلال التعسفية الامر الذي اصاب سلطات الاحتلال بالهيستيريا خاصة أن باب العمود يمثل اهمية خاصة لليهود القاصدين حائط البراق و لأن استمرار وجود هذا الكم الكبير من ​الفلسطينيين​ على مدرجه في شهر ​الصوم​ المبارك يشكل بالنسبة لليهود خطرا أمنيا، لذا تسعى سلطات الاحتلال إلى تثبيت واقع المراقبة الدائمة على الفلسطينيين ومنعهم من التواجد في منطقة الباب تمهيداً لتغيير هذا الواقع بشكل جذري لصالح التهويد التدريجي .

لباب العامود اهمية خاصة عند المقدسيين كونه يعد الشريان الأساسي الذي يوصل الى اسواق البلدة القديمة التي يمتلكها ​الفلسطينيون​ وتمنحهم باب رزق لذلك يعمل الاحتلال بشكل يومي على اغتيال ​الحياة​ الاقتصادية للمدينة وإغلاق أبواب حوانيتها، وبالتالي تدمير التدفق الاجتماعي عبر باب العامود بغرض الغاء ما تبقى من الأسواق والسيطرة على عدد أكبر من ​العقارات​ في البلدة القديمة ومن ثم تهويدها.

من هنا يطرح السؤال هل ان باب العامود مشكلة ام قضية؟

ان اهمية ​الانتفاضة​ المقدسية لا تقتصر على باب العامود كونها استطاعت توحيد الصف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال بل ان اهمية انتفاضة باب العامود تكمن في التعبير عن رفض المقدسيين للاغتيال الاسرائيلي المنظم للمدينة واهلها و كذلك هي رفض لتهويدها ول​صفقة القرن​ ولأي مساس او تعديل للاماكن المقدسة او لتغيير الوصاية الهاشمية عليها بالاضافة الى اصرار ​الشعب الفلسطيني​ على تمسكه بهوية ​مدينة القدس​ العربية، وبمعنى اوضح انها قضية وطن وقضية حياة وكرامة ​الانسان​ الفلسطيني.

انتفاضة المقدسيين اتت في لحظة تاريخية وحسب توقيت باب العمود في القدس فكان لها الاثر الايجابي البالغ خصوصاً ان العدو الاسرائيلي وعلى المستوى السياسي يعيش أزمة سياسية داخلية ولا يبدو أن احداً ما في الداخل الاسرائيلي يمتلك أفقاً لحل قريب لتلك الازمة فالخبراء الإسرائيليون أنفسهم يقرّون بأن الجبهة الداخلية مربكة وغير جاهزة لأي مواجهة.لا عسكرية ولا سياسية خصوصاً بعد نكسة الاخفاق الاسرائيلي وانكشاف دوره المباشر كداعم رئيسي لمخطط الاطاحة بملك ​الاردن​ عبدالله الثاني بهدف تسهيل تمرير صفقة القرن ونقل الوصاية على الاماكن المقدسة في القدس من الهاشميين في الاردن الى المملكة السعودية.

اذا الانتفاضة المقدسية استطاعت ان تفرض معادلتها الجديده و التي لا بد لها من أن ترخي بنتائجها وتفاعلها على الداخل الاسرائيلي ثم على ​الدول العربية​ التي لا تزال تأمل بتنفيذ صفقة القرن

ان ما تعيشه فلسطين حالياً والقدس على وجه الخصوص يوصف بالايام المجيدة التي ستفرض الواقع الفلسطيني على الداخل الاسرائيلي وعلى عرب صفقة القرن كأمر لا مفر منه يأذن بقلب المعادلة التي وضعها العدو متوهماً بتثبيتها مع المطبعين من العرب.

الفلسطينيون قالوا كلمتهم اما معادلتنا الرافضة للتهويد وللتطبيع ولصفقة القرن واما الانتفاضة عائدة من باب العامود.

من الامور التي اربكت العدو الاسرائيلي انتفاض ​صواريخ​ غزة تضامناً مع انتفاضة باب العامود لتترجم اللحمة الفلسطينية في ظل ترابط محور المقاومة في المنطقة ما جعل العدو الصهيوني في حالة فقدان للتوازن بعدما ايقن استحالة الاستفراد باي مكون من مكونات محور المقاومة ليس في فلسطين فحسب بل في المنطقة كلها.

وبالنظر الى ما آلت اليه المواجهات بين الفلسطينيين وخصوصاً المقدسيين منهم وبين سلطات الاحتلال في المدينة نستطيع القول نعم لقد انقلب السحر على الساحر فالاحتلال توقع عدم تصاعد الانتفاضة وأن تمر إجراءاته الجائرة والخبيثة في المدينة مرور الكرام، لكن العدو الصهيوني فوجئ بل انه صُدم وعلى مختلف المستويات السياسية والامنية باصرار ​الشباب​ المقدسي على مواجهة قوات الاحتلال بصدوره العارية .رفضاً لكل المحاولات الهادفة الى تهويد المدينة.

ان انتفاضة الشباب المقدسي هي رسالة قوية بل هي صفعة مدوية ليس بوجه الاحتلال فحسب انما في وجه العرب المتهالكين على التطبيع مع العدو الاسرائيلي أولئك الذين وافقوا وسوقوا لما سمي بصفقة القرن، فرسالة المقدسيين كانت واضحة للعالم ولأولئك العرب المطبعين بالقول:

ويحكم نحن الفلسطينيون اصحاب هذه المدينة واصحاب الارض ذات الهوية العربية ولن يمر تطبيعكم ولن تمر صفقاتكم مع العدو الصهيوني على حساب فلسطين والقدس، نحن سننتزع حقنا بايدينا مهما كلفنا من تضحيات.

من هنا يتضح لنا بان انتفاضة باب العمود هي انتفاضة مجيدة انتصاراً لقضية شعب وقضية تحرر وطن يرزح تحت الاحتلال الاسرائيلي وليست بمشكلة تنظيم مرور.

يبقى علينا الدفع باتجاه المحافظة على التضامن الفلسطيني والاستفادة من تماسك محور المقاومة الداعم للانتفاضة لتطوير النتائج الايجابية التي حققتها الانتفاضة المقدسية والعمل على تعزيزها سياسياً وامنياً واجتماعياً لتثبيت المعادلة ​الجديدة​ التي فرضها الفلسطينيون.