مزيد من التخبط الفرنسي، و"الحسابات الخاطئة"، ما انتجته زيارة الـ36 ساعة ل​وزير الخارجية​ الفرنسي ​جان ايف لودريان​ الى ​لبنان​، والتي لم تحمل في طياتها، الا المراوحة والسلبية في المواقف والتصرفات وفي الشكل والمضمون.

وتؤكد اوساط لبنانية بارزة ومطلعة على كواليس الزيارة ومتابعة عن كثب للشأن الفرنسي لـ"الديار"، ان الزيارة تركت اثراً سلبياً جداً داخلياً وخصوصاً على الملف الحكومي والذي كان يحتاج الى مقاربة مختلفة.

فبدل لغة التهديد والوعيد وال​عقوبات​، والتي تعرف ​باريس​ انها لا تسري الا على مواطنيها او من يحملون جنسيتها من اللبنانيين.كما لا يمكنها اقرار عقوبات على من تصفهم بالمعطلين اللبنانيين عبر ​الاتحاد الاوروبي​ الا بالاجماع.

وهذا الاجماع ليس متوفراً، وبالتالي الغضب والصراخ والوجوم، لا يغير من حقيقة ان ​الحكومة​ تحتاج الى لقاء وتضافر جهود بين ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ والرئيس المكلف ​سعد الحريري​ رغم الشروط والتعطيل.

وتقول الاوساط ان بعض الحريصين من اللبنانيين، نصحوا الدائرة المقربة من الرئيس ​ايمانويل ماكرون​، بأن العقوبات الفرنسية ستكون حافزاً لشد العصب وخصوصاً لدى "المعاقبين" وسيعطيهم فرض عقوبات خارجية عليهم فرصة لكسب التعاطف الشعبي والطائفي معهم!

وتكشف الاوساط ان هذا التخبط الفرنسي، والذي يعود الى تعدد الآراء داخل الادارة الفرنسية والمقربين من ماكرون، حيث لكل شخصية وطرف علاقات لبنانية مع اطراف محددين.

من اريك شوفالييه الى ​ايمانويل بون​ وباتريك دوريلوفرنسوا فيون وكذلك لودريان وهذه "الجبهة الخماسية" ليست متفقة على رؤية موحدة لكيفية التعاطي مع مبادرة ماكرون الحكومية. وهي مبادرة متكاملة من اعادة اعمار ​المرفأ​ تشكيل حكومة مهمة انقاذية، وتعديل النظام السياسي.

ولكن لم يتحقق شيئاً منها رغم الوعد الذي قطعه ماكرون بعد 15 يوماً ومر حتى ​الساعة​ 9 اشهر ولم يتحقق شيئاً . وبالتالي عملياً سقطت المبادرة بعد عدم نجاحها في ​تحقيق​ ​تشكيل الحكومة​، لا في 15 ايلول ولا في كانون الاول 2020 ، واستمرارها حالياً لا يتم بالتهديد والوعيد ولن تشكل الحكومة بهذه الطريقة.

اما في المضمون، فتقول الاوساط ان الزيارة الخاطفة اتت مبتورة وعكست هذا التخبط و"العشوائية".

وغلب عليها منطق الفرض والاملاء. وتقول ان لودريان تحدث مع الرئيسين عون و​نبيه بري​ بضرورة تشكيل حكومة في اسرع وقت، ولم يتحدث معهم عن انهاء مبادرة ماكرون، ولم يضع سقفاً زمنياً جديداً، ولكنه كان عاتباً على عدم التزام الطبقة السياسية الحاكمة ولا سيما من التقوا ماكرون في قصر الصنوبر.

وتشير الاوساط الى ان لقاء لودريان والحريري، لم يكن مدرجاً على جدول اعماله وكان الاول يرفض لقاء الحريري بالكامل. وهذا الامر تبدل في الحظة الاخيرة بعد دخول "احدهم على الخط". ونُصح لودريان باللقاء كي لا تكون الصور فاضحة وكي لا يظهر ان المبادرة قد ماتت فعلاً.

وتنطلق عدم رغبة لودريان في لقاء الحريري، من الانزعاج الشديد منه رغم كل الوقفات لماكرون معه منذ احتجازه في ​السعودية​ في العام 2017 ، والجهود التي بذلها ماكرون لتحريره ودعمه في التكليف والتأليف، لكنه افشل كل الجهود وعرقل الحكومة برفضه اللقاء مع النائب جبران باسيلمن اسابيع في ​فرنسا​ بعد مسعى من ماكرون لذلك.

وتلمح الاوساط الى ان الفرنسيين في جو سلبي جداً من السعودية تجاه الحريري وهم لا يريدونه رئيساً للحكومة وهذه عقبة هامة امامه، رغم ان الرئيس الاميركي ​جو بايدن​ يؤيد ماكرون في اي حل للمشكلة اللبنانية، وقد يساعد الجو الاقليمي على تقدم حكومي ما في الاسابيع المقبلة.

وتشير الاوساط ايضاً الى ان لقاء لودريان مع بعض الجمعيات والقوى المشاركة في ثورة 17 تشرين الاول، لم يكن ودياً.

وقد علا صوت لودريان فيه واتهم هذه القوى بالتشتت وعدم الوحدة، والفشل.

حيث لم تنجح في تشكيل رأي عام وضغط شعبي لازم، لاجراء التغيير المنشود. كما طالبهم بالمطالبة والحث عل اجراء ​الانتخابات النيابية​ في وقتها في العام المقبل.

من جهة ثانية ومع مغادرة لودريان لبنان امس بهذا الكم من التشاؤم والسوداوية، تكشف اوساط بارزة في "​الثنائي الشيعي​" ان رسائل وصلت الى الحريري من "الثنائي".

وتمنى عليه عدم الاعتذار، واكد دعمه والتمسك بمهمته حتى نجاح التأليف مع بذل ما يمكن من جهود للوصول الى ذلك. وتلمح الاوساط الى ان الحريري قد طوى ورقة الاعتذار في انتظار عودة المساعي الداخلية، لتنشيط ​الاتصالات​ على وقع التطورات الاقليمية والدولية.